الأربعاء، 13 يونيو 2012

الثورة الروحية في خطاب السيد المسيح عليه السلام في الإنجيل والمصادر الإسلامية... المجموعة 3 ... الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي


د
 
الثورة  ...
الروحية في خطاب ...
السيد المسيح عليه السلام
في الإنجيل  ...
والمصادر ...
 الإسلامية ... 
خ

المفكر الإسلامي الشيخ
محمد ... 
حسني البيومي ...
 الهاشمي ... 


... المجموعة الثالثـة ...




الثوابت المنهجية للحالة الروحية في خطاب
 المسيح عليه السلام والصلوات ... 
 في الإنجيل :


ــ أولا : الغضب  : [ لا تغضب ] 



وفيه ينص  خطاب السيد المسيح 
 عليه السلام في قوله :


[قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، ]  :
وفي ترجمة التفسير التطبيقي للكتاب المقدس  :
[ سمعتم أنه قيل للأقدمين : لا تقتل ومن قتل يستحق المحاكمة ، أما أنا فأقول لكم : كل من غاضب على أخيه يستحق المحاكمة  ...
[ إنجيل متى 5/ 22 ]  (53)
(53)     سفر  الخروج : 20/15 ـ17 : التفسير التطبيقي ص 172 ، 173 =
سفر التثنية : نفس المصدر ص 366
والمحاكمة هنا هو ن يحكم  على ذاته بأنه غير مؤهل أن يكون في سياق هذه الحالة الروحية الجديدة ، لأنه من لا يتجاوز 
 ذاته  لا يصلح خطأ غيره ...
والفقرة الثانية في الخطاب هامة :
[  فإذا جئت بتقدمتك الى المذبح وهناك تذكرت لأخيك شيئا عليك فأترك تقدمتك أمام المذبح وأذهب أولا :
وصالح أخاك ثم ارجع وقدم تقدمتك ،  
 سارع إلى استرضاء خصمك وأنت في الطريق الى المحكمة ..] ...
[  متى 5/23 ـ25 ]
وهنا يقدم السيد المسيح  عليه السلام التصالح على رأس الأعمال الصالحة وهي جسر الروح الى جسد الحالة التغييرية لما له من أهمية  في بناء الحالة التغييرية في الثورة الإنسانية المرادة .. 
والعضو الصالح هو المتكامل مع باقي الأعضاء والتلاميذ .."
 وهنا  يضيف النبي الأكرم صلوات الله عليه وسلامه وآله 
على رصيد عيسي النبي عليه السلام : "
[ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتواصلهم بمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ] (54)


(54)  ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ج1/ 170 = كنز العمال ج 1/ 295 رقم 737 = صحيح مسلم ، المؤلف : مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري ج4/ 1999 رقم 2586   :  الناشر : دار إحياء التراث العربي – بيروت    تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ...

يقول يسوع  المسيح عليه السلام  "
" لا تغضب غضبا قد يؤدي الى القتل ، لأنك بذلك قد ارتكبت القتل في قلبك "  (55)
(55)   التفسير التطبيقي للكتاب المقدس  ص 1884 : هامش التفسير
وهكذا عالج السيد المسيح عليه السلام المسألة من جذورها باقتلاع آفة المؤامرة " الحسد " من العقل الإسرائيلي ، وان نجح على مستوى الأنصار فإن الفريسيين لم يمكنوه من جني ثمار 
التجربة لممارسة أعتى أشكال الحقد والمؤامرة 
على اغتيال السيد المسيح ذاته !!!
ثانيا : الزنــــا : [ لا تزن ]

يقول خطاب السيد المسيح في سياق ثوابت الحالة : 

[27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ، لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. ]   [ متى : 5/ 27ـ30 ]
والنبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وآله يواصل  ذات الخطاب في التعبئة الروحية
لجماهير المسلمين في قوله :
العين تزني  وزناها النظر أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار و وهكذا أخرجه هو وأحمد و والبخاري و ومسلم والحاكم من طرق أخرى عن أبي هريرة مع الزيادة نحوه (56)
و هكذا يحل النبي الأكرم محمد صلوات الله عليه والنبي عيسى عليه السلام  الأزمة من جذورها والإشكال من أساسه حرصا للتكامل والتواصل في بناء الشعب والأمة  ...
ومشروعها التغييري الأصيل .. 
ويروي المؤرخ ابن عساكر في تاريخه :
_________________________________
 (56)  ظلال الجنة في تخريج السنة لابن أبي عاصم   : محمد ناصر الدين الألباني ج1/ 72 رقم  193   الناشر : المكتب الإسلامي – بيروت   :  الطبعة : الثالثة -   1413-1993
= فتح الباري شرح صحيح البخاري   ج12/ 135   : المؤلف : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي   الناشر : دار المعرفة - بيروت ، 1379  تحقيق : أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي ...

 [ بحق لأقول لكم : إن حب الدنيا رأس كل خطيئة وبالنظرة تزرع الشهوة في القلب   وكفى بها خطيئة " (57)
(57)  نفس المصدر السابق :  تاريخ مدينة دمشق ج47/428 ، 429
ويروي أيضا :
" عن غالب حدثني السدي قال : 
"  أصاب الناس قحط على عهد عيسى بن مريم فقال الحواريون : "  يا عيسى لو خرجنا فاستسقينا فلما اجتمع الناس قال عيسى :
" من كانت له خطية فلا يخرج معنا فانه لا حاجة لنا بأهل الخطايا فرجع الناس إلا اثني عشر رجلا قال لهم عيسى ما لكم خطايا قالوا بلى يا نبي الله قال فارجعوا فلا حاجة لنا بكم قال فرجعوا إلا رجلا اعور فقال له عيسى ما لك أنت خطية قال لا تعجل علي يا نبي الله نظرت نظرة إلى خطية بعيني هذه ففقأتها فلا اعلم لي ذنبا غيره قال له عيسى أنت صاحبي ادع أنت وأؤمن أنا قال بل ادع أنت وأؤمن أنا قال فدعا عيسى وأمن الرجل فما رجعوا حتى كادوا أن يدركهم الغرق " (58)
 (58)  )  نفس المصدر السابق :  تاريخ مدينة دمشق ج47/  411


ثالثا : الطــــلاق : 


: يقول السيد المسيح عليه السلام في خطابه  أيضا :
[ وقيل أيضا : " من طلق زوجته فليعطها وثيقة طلاق ، أما أنا فأقول لكم كل من طلق زوجته لغير علة الزنى فهو يجعلها ترتكب الزنى] 
[ متى 5/ 31 ، 32 ]  (60)
(60)  إنجيل متى ص19/13ـ 12 = مرقص 10/11 = لوقا 16/18
وهذا الخطاب الشرعي العيسوي إنما يبني  ويؤسس لصرح اجتماعي يكون نواة لتحقيق [ ثورة اجتماعية إنسانية ] 
 تشكل قاعدة الانطلاق من جيل  تربوي مقدس  قادر 
على نسف الصرح الفريسي الكهنوتي البديل  ...  


رابعا  ـ لا تقسموا الأيمان ولا تحلفوا  إلا بالله : 


وفي الوصايا يقدم السيد المسيح عليه السلام  
 في خطابه أنموذجا للعقيدة التوحيدية  ، والاتجاه بالقسم
 والنذر إلى الله الواحد الأحد الذي لا شريك له 
يجوز القسم بالنبي 
 ولا بالمسيح ولا بالهيكل فهو 
عليه السلام يقول :
[33«أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ، بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ، لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللهِ، 35وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ، وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ، لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ ]  ـ أي من الشيطان ـ ] ...
[ إنجيل متى : 5/ 33 ـ37 ] 


وفي مقابل الخطاب الإلهي  في قول السيد المسيح ...
 عليه السلام والصلوات ... 


 قال الله تعالى في علاه :
{وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ 
وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }
البقرة224
{  وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } المائدة3
وفي مصادرنا الإسلامية :
ذكر ابن عساكر عن خطاب السيد المسيح عليه السلام :
[ يا معشر الحواريين : " إن الله قال لموسى يا موسى لا تحلف باسمي كاذبا وأمر موسى بني إسرائيل لا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ولكن قولوا نعم ولا يكفي بالكذب إثما وبالحلف غدرا ..
يا بني إسرائيل كونوا حكماء علماء لا تضعوا الحكمة إلا عند أهلها ولا تكتموها أهلها فإنكم إن تكلمتم بالحكمة عند غير أهلها جهلتم وإن منعتموها أهلها فقد ظلمتموها فكونوا كالطيب العالم الذي يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع فقولوا الحكمة واعملوا بها واقبلوها ممن يقولها .. ]  (61)
(61)     )  نفس المصدر السابق :  تاريخ مدينة دمشق ج68/  63


خامســا  ـ الانتقام وتصفية الحساب ... 
[ لا تقاوموا الشر ]  :


وفي خطاب  السيد المسيح عليه السلام : 

[«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ. ]  
[ متى 5/40ـ42 ]

وفي هذا الخطاب نجد الإطلاق الروحي 
 وعمقه فهو  
عليه السلام يدعوا الى معالم ...


[ ثورة إنسانية وأخلاقية ] 
تصل إلى المثالية  القصوى  و نقيضا للمادية الأرضية  ، 
فهو عليه السلام يدعوا إلى التجرد والزهد والكمال في 
تلاميذه وأنصاره لكي لا يلتفتوا إلى الدنيا ويجعلوا 
الرسالة المقدسة قدرهم المحتوم ..
 فبدون الإنسانية الأخلاقية لا يمكن أن يسقط 
 المشروع الافسادي الكهنوتي .. ولكن نرى في 
بعض الوصايا ما يستحق أللفته النقدية  
وخاصة في المنقول  للسيد المسيح :
[  مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا  ] 

 فهذا النص لا يمكن أن يعتمد في تفسيره على المعاني الظاهرية المهادنة وهو يحمل ثورة انقلابية على المشروع الكهنوتي المعادي لرسالة الأنبياء والوثني الاتجاه .. ولا نرى في شخصية المسيح شخصية سلمية منبطحة ومهزومة  كالكهنة أدوات القيصر  ، بل شخصية ثورية عنيدة بالغة في التحدي والقوة  .. 
وكيف يمكن مقارنة هذا النص ونصوص قويه الاتجاه مثال : 

[ من أراد أن يسير ورائي فلينكر نفسه وليحمل صليبه ويتبعني ] 
 [ متى 16/24 ـ25 ]
و [ من لا يحمل صليبه ويتبعني فلا يمكن أن يكون تلميذي ]
[  لوقا : 14/27 ]
وفي النهاية فهو عليه السلام يريد أن تكتمل خطواته من خلال ثورة سلمية وإنسانية في دوافعها بعيدا عن لغة الإنتقام والحروب   والتصفيات الداخلية التي انتابت موطن السيد المسيح في هذا الزمان !!
سادسا ـ حب الآخرين وحب الخصوم  [ باركوا لاعنيكم ] :
قد يبدوا هذا العنوان متناقضا في هذه الأجواء التي ساد فيها الظلم وأجواء الإنتقام الحزبي والتنظيمي السوداوي في أنماط العلاقات  ، لكن لمن يعقلون شريعة النبي والأنبياء لا بد أن يدخلوا في عمقهم عبر الروح لا عبر المادة والأرض ، وتأويل سياسات المصالح الدنيوية ..  جاء ذلك المنهج واضحا كالشمس  في الإنجيل :
[43« سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ  ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. 46لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ ذلِكَ ؟ 47وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ، فَأَيَّ فَضْل تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا؟ 48فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ..  ]  :
   [  متى 5/ 43 ـ  48 ]
[ لوقا 6/ 27 ـ36 ]
وفي الرواية :
[ العلماء أمناء الرسل ما لم يخالطوا السلطان  ودخلوا في الدنيا فقد خانوا الرسل فاعتزلوهم واحذروهم ] (62)
________________________________

(62)  كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال   المؤلف : علي بن حسام الدين المتقي الهندي  ج 10/ 371 رقم 29083 :  الناشر : مؤسسة الرسالة - بيروت 1989 م  الصفحات مرقمة آليا = الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة  الشوكاني ج 1/ 288 الناشر : المكتب الإسلامي – بيروت    الطبعة الثالثة ، 1407 تحقيق : عبد الرحمن يحيى المعلمي
 ... [ ليس الإحسان أن تحسن ]  ...
وفي الرواية : عن أبي عوانة أو هشيم أو كليهما عن مغيرة عن الشعبي قال قال عيسى بن مريم :
ليس الإحسان أن تحسن بقوم فشتموه   (65)
______________________

(65) نفس المصدر السابق : تاريخ  مدينة دمشق ج 74 /   436 ،  437

وهكذا يمكن تفسير الخطاب الخاص بالسيد المسيح عليه السلام بأنه مدرسة  رائدة في فقه الأصول والثورة جوار رسالته العظمي كأحد الأنبياء أولوا العزم  .
وهو دعوة كاملة للروح الإحيائية  وروح من روح الله الكاملة ... 


سابعا  ــ الصدقـــــة :


وتجئ الصدقة كقراءة على خطى الأنموذج التربوي  الفذ لما لها علاقة بروح التقوى والبر : يقول السيد المسيح عليه السلام في رؤيته لفلسفة الصدقة :
[1«اِحْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْنَعُوا صَدَقَتَكُمْ قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَنْظُرُوكُمْ، وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ عِنْدَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 2فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِالْبُوقِ، كَمَا يَفْعَلُ الْمُرَاؤُونَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي الأَزِقَّةِ، لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ النَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 3وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُكَ، 4لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ  ـ ربك ـ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. ] ...
[ متى : 6:  1ـ 4  ]
وهكذا يربي المسيح عليه السلام أنصاره وتلاميذه  على التقوى في الأصول واثبات القاعدة في أعمال الفضول .. بعيدا لاعن الرياء والمباهاة لأجل الدنيا وعبادة الذات الفانية .. وهكذا بهذه الشهادة كان عيسى عليه السلام أنموذجا في الزهد وليس له شبه في الكون إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام  فهو الأشبه بالمسيح بن مريم عليه السلام . كما جاء في رواية الحديث
عن النبي محمد صلى الله عليه وآله ..
وروي عن مجاهد قال :
[ ابن العذراء البتول عيسى بن مريم فإنه كان يصوم الدهر ويأكل الشعير ويلبس الشعر يأكل ما وجد ولا يسأل عما فقد ليس له ولد يموت ولا بيت يخرب ]  (67)
(67)  نفس المصدر السابق : تاريخ دمشق ج 24 /   47 =  البداية والنهاية ج2/ 104 = ابن كثير : قصص الأنبياء ج2/424
_______________________

[  عن إسماعيل بن أبي خالد أن عيسى بن مريم كان متوسدا حجرا فمر به إبليس فقال يا عيسى قد رضيت من الدنيا بهذا الحجر قال فأخذه من تحت رأسه فقذف به إليه وقال هذا لك مع الدنيا لا حاجة لي فيه   ]  (68)
(68)   نفس المصدر السابق : تاريخ دمشق ج 74 /     416




ثامنا  ـ الصـــــلاة الربانيـــة [ فصلوا أنتم ] : 


وبنفس الاتجاه  الروحاني التربوي يدعو 
المسيح عليه السلام إلى الصلاة الخالصة الموجة بوصالها العرفاني إلى الله الخالق البارئ دونما إشراك ورياء فيقول عليه السلام :
[    تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.
5« وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 6وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 7وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ. ]         
   [  إنجيل متى 6/ 5 ـ8     ]
وهو العالم علام الغيوب ولا يتصف بعلم الغيب إلا الواحد القهار ..

[9« فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. 13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ، وَالْقُوَّةَ، وَالْمَجْدَ، إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَّلاَتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ .
16« وَمَتَى صُمْتُمْ فَلاَ تَكُونُوا عَابِسِينَ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ. 17وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صُمْتَ فَادْهُنْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ وَجْهَكَ، 18لِكَيْ لاَ تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِمًا، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَة . ]       
[   إنجيل متى 6/  5ـ 8 ]  (69)

(69)      نفس المصدر السابق : التفسير التطبيقي للكتاب المقدس  ص 1888

ملحوظة للباحث :
من وجهتنا الإسلامية وحرصا على إبداء الرأي بحرية  عقائدية نرى تفسير[ الآب ]  في جميع ترجمات نصوص الإنجيل  بأنه : هو الرب الذي في السماء ..

وكما أن الصلاة  في الإسلام عمود الدين فقد جعلها في عقيدة المسيح التوحيدية أيضا هي عماد الأعمال ومناط قبول الدعوات  ، ودعواته للناس بالشفاء وهذا ما يؤكده إنجيل لوقا بقوله :
[على أن خبر يسوع زاد انتشارا حتى توافدت إليه جموع كثيرة ليستمعوا إليه  وينالوا الشفاء من أمراضهم ، أما هو فكان ينسحب إلى الأماكن المقفرة حيث يصلي]
 [ لوقا 5/15،16 ] ..
وفي هذا النص يقدم السيد المسيح ذاته أنموذجا لتلاميذه في الصلاة الربانية بدون شرك ولا رياء يستلهم من خالفه القبول . .
وفي إنجيل لوقا  أيضا :
يتكرر الأنموذج الأعلى في التقوى أمام خالقه .
 يقول الإصحاح  التاسع :
[مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ قُفَّةً. 18وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي عَلَى انْفِرَادٍ كَانَ التَّلاَمِيذُ مَعَهُ. ]
 ... [ لوقا 9/18 ] ...
 وعن حالته النورانية في الصلاة ...
 يقول إنجيل لوقا عنه أيضا :
[وَصَعِدَ إِلَى جَبَل لِيُصَلِّيَ. 29وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي صَارَتْ هَيْئَةُ وَجْهِهِ مُتَغَيِّرَةً، وَلِبَاسُهُ مُبْيَضًّا لاَمِعًا ]  :
[ لوقا  :   9 : 28 ]
أي غمره النور الرباني في الصلاة الربانية ...
ويعود إنجيل لوقا ليؤكد ما نقله عن إنجيل متى : 
في أن الصلاة هي بوابة القبول والتقديس والتعظيم إلى الله ] ...
[ لوقا :11/1ــ3 ]    وفي  [  لوقا 18/1 ]
وفي إنجيل لوقا يتكرر مشهد الصلاة والخشوع من العبد الى ربه تعالى .. يقول النص :
[16وَأَمَّا هُوَ فَكَانَ يَعْتَزِلُ فِي الْبَرَارِي وَيُصَلِّي . ]
 [ لوقا : 5: 16 ]
وفي النص من إنجيل لوقا :
أن المسيح عليه السلام يصلي طوال الليل :
[12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ.
وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ.
13وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضًا «رُسُلاً»: 14سِمْعَانَ الَّذِي سَمَّاهُ أَيْضًا بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ. يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فِيلُبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ. 15مَتَّى وَتُومَا. يَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَسِمْعَانَ الَّذِي يُدْعَى الْغَيُورَ. 16يَهُوذَا أَخَا يَعْقُوبَ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّمًا أَيْضًا. ] ...
[ لوقا : 6: 13 ـ 16 ]
[1وَقَالَ لَهُمْ أَيْضًا مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى
 كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ، ] ...
 [ لوقا : 18 : 1 ]
وفي إنجيل مرقص يثبت الصلاة للمسيح
عليه السلام :
 [45وَلِلْوَقْتِ أَلْزَمَ تَلاَمِيذَهُ أَنْ يَدْخُلُوا السَّفِينَةَ وَيَسْبِقُوا إِلَى الْعَبْرِ، إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، حَتَّى يَكُونَ قَدْ صَرَفَ الْجَمْعَ. 46وَبَعْدَمَا وَدَّعَهُمْ مَضَى إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ . ]
[ مرقص : 6: 45 ،46]
وفي إنجيل يوحنا يصلي السيد المسيح إلى الله لإنقاذ أنصاره القادمين من طغيان المستبدين  والكهنة والمشركين فيقول عليه السلام في نص الخطاب :
[  ولست أصلي من أجل هؤلاء فقط ، بل أيضا من أجل الذين يؤمنون بي بسبب كلمة هؤلاء ليكون الجميع واحد ..
ولكي يؤمن العالم انك أنت الذي أرسلني  ]  :
 [ يوحنا 17/20ـ، 25 ]  (70)
 (70) نفس المصدر :  التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 2099 ، 2112

يقول إنجيل لوقا في ذات السياق :

[39وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ. 40وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ:« صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ ». 41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً:« يَا أَبَتَاهُ، إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسَ. وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ ، وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ، فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ. 46فَقَالَ لَهُمْ :
« لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ ]
[ إنجيل لوقا : 22/ 39 ــ 41 ]
والنص في روح جليه فالنبي عيسى رسول ونبي يصلى لربه ويشهده التلاميذ وهو يصلي ويصلون معه ويشهدون جميعا بخشوعه في الصلاة .. والنص يعتبر أعماله جهاد في سيل الله ، ومن أجله كان يطيل الصلوات للقبول ، فهو النبي والرسول والقائد القدوة لتلاميذه ، ولهذا هو يوجههم ويحثهم على هذه الثورة العبادية والروحية .. ـ وفي إنجيل لوقا يؤكد الصلاة الدائمة في وقت الأزمات والمواجهة مع أعدائه أو مخالفيه  فيقول الإصحاح  :
[  وإذا كان في جهاد كان يصلي بأشد لجاجة ] ...
 [ لوقا 22/ 45 ]  (71)
 (71) التفسير التطبيقي للكتاب المقدس  ص 2152

[ وإذا كان في صراع أخذ يصلي بأشد إلحاح حتى أن عرقه صار كقطرات دم نازلة ]  .. [ ثم قام من الصلاة وجاء إلى التلاميذ فوجدهم نائمين من الحزن ، فقال لهم : ما بالكم نائمين ؟ قوموا وصلوا لكي لا تدخلوا في تجربة  ]  (72)
(72)   نفس المصدر السابق : التفسير التطبيقي للكتاب المقدس  ص 2152  :  (73)
والتجربة  هي خشية الابتلاء الذي يمكن أن يقع عليهم من الله تعالى لتقصيرهم ..
ــ وفي إنجيل مرقص :
فهو يذيع لكل النصارى المؤمنين بأن المسيح يصلى بالجموع :
[35وَفِي الصُّبْحِ بَاكِرًا جِدًّا قَامَ وَخَرَجَ وَمَضَى إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ، وَكَانَ يُصَلِّي هُنَاكَ، 36فَتَبِعَهُ سِمْعَانُ وَالَّذِينَ مَعَهُ. 37وَلَمَّا وَجَدُوهُ قَالُوا لَهُ: «إ ِنَّ الْجَمِيعَ يَطْلُبُونَكَ ». 38فَقَالَ لَهُمْ: «لِنَذْهَبْ إِلَى الْقُرَى الْمُجَاوِرَةِ لأَكْرِزَ هُنَاكَ أَيْضًا، لأَنِّي لِهذَا خَرَجْتُ  ». 39فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِهِمْ فِي كُلِّ الْجَلِيلِ وَيُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ  ]  ...
[  إنجيل مرقص :1/ 35 ]
من أجل هؤلاء أصلي إليـــك :
[ من أجل هؤلاء أصلي إليك ولست أصلي الآن من أجل العالم ،   بل من أجل الذين وهبتهم لي لأنهم لك ، وكل ما هو لي فهولك . ،   وكل ماهو لك فهو لي ،  وأنا قد تمجدت منهم ، هؤلاء  باقون في العالم ، أما أنا فلست باقيا لأني عائد إليك ، أيها الآب ـ  الرب ـ القدوس أحفظ  في اسمك الذين وهبتهم لي ]
[ يوحنا : 17: 11،12 ] ...
والملاحظ هنا قوة الولاء والمصداقية بين المسيح وتلاميذه وكل نبي في السماء يدعو لقومه وأنصاره .. في وحدة توحيدية ربانية صادقة ..   ]
[  أبلغتهم كلماتك فأبغضهم العالم لأنهم ليسوا من العالم وأنا لا أطلب أن تأخذهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرير . فهم ليسوا من ؟أهل العالم كما أني لست من العالم ] قدسهم بالحق ، إن كلمتك هي الحق ..   وكما أرسلتني أنت إلى العالم  أرسلتهم أنا أيضا إليه ] 
[ يوحنا : 17: 14 ــ 19 ] (208)

(208)                      نفس المصدر السابق : التفسير التطبيقي
للكتاب المقدس ص  2229


.. وفي هذا السياق يصلي من أجل هؤلاء وكل 
المؤمنين القادمين فيقول : 


[ ولست أصلي من أجل هؤلاء فقط ، بل أيضا من أجل الذين يؤمنون بي بسبب كلمة هؤلاء ، ليكونوا الجميع واحد[ ولكي يؤمن العالم أنك الذي أرسلتني ] ...
[ إني أعطيهم المجد  الذي أعطيتني لأنك
 أحببتني قبل إنشاء هذا العالم ]
ٍ [ يوحنا : 17 : 20 ـ25 ]
ويبقى للسيد المسيح حوارييه وأنصاره ومحبيه وهؤلاء هم الذين خاطبهم في دعواته للرب الأعظم الواحد في السماء .. وواضح أن همه هي الرسالة وأدائها على حقها ، وذلك لنيل الرضا من الله الذي أرسله بهذا النور إلى الأرض ...
وهو عليه السلام يخاطب العلي ربه فيقول :
[ إن العالم  لم يعرفك ، أما أنا فعرفتك وهؤلاء عرفوا أنك الذي أرسلتني ، وقد عرفتهم اسمك ، وسأعرفهم أيضا لتكون فيهم المحبة التي أحببتني بها  وأكون أنا فيهم ] 
 [ يوحنا : 17: 25، 26 ] ...
[ ولأني أنا حي فأنتم ستحيون ] ...
[ يوحنا : 14/19 ]
وفي هذا التوجه الحق يتفق مع قوله تعالى في علاه
في القرآن :
{وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ }
:  آل عمران169
[ من آمن بي و مات فسيحيا ومن آمن بي فلن يموت إلى الأبد ]
[ يوحنا : 11: 25 ]


تاسعا  ـ الصـــــوم الربـــــاني : 


يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله :
[ كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ] الحديث .. (73)
(74)كتاب : الأحاديث القدسية ط1/ط دار الفكر بيروت 1983 ص 171

والصوم لخصوصيته هو الاختبار الحقيقي للأعمال لما يحمله من معالم التقوى والإخلاص والعبودية العظمى .. فالصوم هو الصعود بروح سامية  طاهرة الى بوابات القبول الربانية في ثورة متدفقة من الطهر والإخلاص .. الصيام الشمولي عن الجوارح كلها معناه : الاستسلام الشمولي والسمو بالذات الطاهرة روحا ومعنا كما نزلت أول مرة .. والسيد المسيح عليه السلام و كما النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم  ينبعان من مشكاة واحدة .. وشريعة واحدة واله سماوي واحد ..
ولهذا التوحد الرسالي يقول النبي الأكرم
صلى الله عليه وآله وسلم :
[ أنا أولى الناس بعيسى بن مريم في الأولى والآخرة ]  
قالوا كيف يارسول الله ؟ قال صلوات الله عليه :
[ الأنبياء أخوة من علات " عائلات " وأمهاتهم شتى ودينهم واحد وليس بيننا نبي ] (74)
(74)  نفس المصدر السابق : تاريخ مدينة دمشق ج 74 /   368

ولهذا التكامل الرسالي دوره وأهدافه المقبلة في الرسالة الخاتمة .. يقول السيد المسيح عليه السلام  معلما تلاميذه على
 هذا التوجه الطاهر المقدس في الصوم ..
 كما الصلاة .. 
يريد من خلالها تعبئة تلاميذه بالتقوى الخالصة 
في الأعمال إلى الله ، فالله لا يقبل عملا له فيه شريك .. 
وفي خطابه  الروحي التعبوي ، فهو  يقول لتلاميذه :
[ وعندما تصومون ، لا تكونوا عابسي 
الوجوه كما يفعل المراؤون الذين يقطبون وجوههم لكي يظهرون للناس  صائمين ـ الحق  أقول لكم أنهم قد نالوا مكافأتهم أما أنت فعندما تصوم  ، فأغسل وجهك وعطر رأسك .. 
لكي تظهر للناس صائما بل ـ
{ لإلهك }  الذي في الخفاء و{ إلهك }
الذي في الخفاء هو يكافئك ]
... [ متى 6/16ـ 18 ] ...
.. إن الرياء في خطاب السيد المسيح هو مهلكة الأعمال 
وقتل للطلائع والأجيال ...
ـ وفي إنجيل لوقا ما يؤكد الصوم الرباني
للمسيح وتلاميذه يقول النص في ذلك :
[33وَقَالُوا لَهُ:« لِمَاذَا يَصُومُ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا كَثِيرًا وَيُقَدِّمُونَ طِلْبَاتٍ ، وَكَذلِكَ تَلاَمِيذُ الْفَرِّيسِيِّينَ أَيْضًا، وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ؟ »  34فَقَالَ لَهُمْ:« أَتَقْدِرُونَ أَنْ تَجْعَلُوا بَنِي الْعُرْسِ يَصُومُونَ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ 35وَلكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ، فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ».]
[ لوقا : 5 : 33 ـ 36 ]
 [عن أبي ثمامة العائذي قال قال الحواريون لعيسى بن مريم ما المخلص لله قال الذي يعمل العمل لله عز وجل لا يحب أن يحمده الناس عليه ]  [  حدثنا معاوية بن صالح عن بن حبيب 
أن عيسى بن مريم كان يقول :
[  إن الذي يصلي ويصوم ولا يترك الخطايا مكتوب في الملكوت كذابا  ] (75)
(75)   نفس المصدر السابق : تاريخ دمشق ج 74 /   450 ، 449 ، 450

وهكذا نرى أن  السيد المسيح عليه السلام يريد من أنصاره القادمين أن يشكلوا  حالة من الثورة الروحية الممتدة والقادرة على المواجهة والجهاد في مواجهة الطاغين والمستكبرين ، وهم أعداء العقيدة
والشريعة والإنسانية .. (76)
(75) راجع كتابنا البشارة بالنبي الأعظم في التوراة والإنجيل
الكنز السمــاوي رصيد المتقــــين :

وفي العلاقات الاجتماعية أراد السيد المسيح عليه السلام  
ألا يكون لتلاميذه أي ارتباط بالدنيا ومتاعها ..
 أراد جيلا زاهدا لا هم لهم في الدنيا إلا العمل لمرضاة الله 
واليوم الآخر .. فجاء خطابه عليه السلام في هذا 
المجال حلما لأنصاره وتلاميذه :
[لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسدها السوس والصدأ وينقب عنها السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ. 20بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزًا فِي السَّمَاءِ، حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ، وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ،  21لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا.  22سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نيرًا، 23وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ! ]  ...
[ إنجيل متى : 6/  19 ، 20 ]
ولعل هذا الخطاب فيه الزهد ونبذ الدنيا وإشعال أنصاره عليه السلام بالعبادة والتطهير وتزكية النفوس وسنرى ذلك في خطاب المسيح في الإنجيل وغيره متواصلا في هذا الاتجاه تعميقا للإيمان  والثورة الروحانية في قلوب أنصاره . فالقلب الذي فيه  حب الله لا بد أن يكون زاهدا نابذا للدنيا .. وهو بالتالي يعلمهم ألا ينشدوا الى 
عقيدة الفريسيين القائمة على السلب بإسم الدين  والنهب لأموال الفقراء والمستضعفين  .. وكون هذه الطليعة المؤمنة هي عماد الثورة الإنسانية البديلة فيلزم على كل عضوا ربانيا  قادرا على التكامل مع رفاقه المتقين في الحالة الثورية البديلة وعدم قبول الدين الكاذب  والدجل الديني المزيف  !! وقطع الطريق على المتسربلين باسم الدين من الجهلة المنهجيين .. 
وفي الحديث القدسي 
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال :
[ قال عيسى عليه السلام :
" يا معشر الحواريين..
[اجعلوا كنوزكم في السماء فإن قلب الرجل حيث كنزه ] (77)

(77)    ابن كثير : قصص الأنبياء ص 469 = البداية والنهاية : المجلد الأول ج2/478  (78)


وفي مقابل خطاب السيد المسيح عليه السلام  لأنصاره في الإنجيل .. نجد أن القرآن  العظيم يستوعب الحالة بكليتها . .
 حين يقدم رؤية واضحة المعالم  في سورة التوبة تجاه طائفة الكهنة والفريسيين وهم ناهبي المؤمنين في بني إسرائيل ...


العيـــــن مصباح الجســــــد  [ سراج الجسد ] : 


وهذا العنوان الروحاني هو عين ما سجله الإنجيل من خطاب السيد المسيح عليه السلام .. ليكشف أن العين النورانية هي باب القلب النوراني .. ولهذا أراد السيد المسيح عليه السلام من تلاميذه أن يكونوا ثابتي النظر جاري
الخطى حيث يقول في النص :
[ العين مصباح الجسد ، فإن كانت عينك سليمة يكون جسدك كله منورا وان كانت عينك سيئة يكون جسدك كله مظلما ، فإذا كان النور الذي فيك ظلاما فما أشد الظلام ! ] (79)
(79)  التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص  189
وفي طبعة الشرق الأوسط  الرسمية :
[22سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، 23وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِمًا، فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ! ]  ... 
[ إنجيل متى 6/ 22، 23 ]
وفي المقابل يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم :
[ العين تزني وزناها النظر ]
الحديث  ..
 ولهذا يكون النظر مفتاح الإدراك نحو الشهوة .. 
و يكون ترك الذنوب هي أنوار القلب ... 
قال عيسى عليه السلام  :
[حدثنا وهيب بن الورد قال قال عيسى بن مريم لقد دخل جسيم هذا الأمر الذي نرجو منه الثواب من الله في ثلاث  : 
 في الكلام والنظر والصمت فمن كان كلامه غير ذكر الله فهو لغو ومن كان نظره غير تعبد فهو سهو ومن كان صمته غير تفكر فهو لهو فطوبى لمن كان كلامه ذكرا وهمته تفكرا ونظره تعبرا وبكى على خطيئته ووسعه بيته ]...
 وفي الرواية التي ذكرناها مسبقا :
[عن غالب حدثني السدي قال :
 " أصاب الناس قحط على عهد عيسى بن مريم فقال الحواريون : 
" يا عيسى لو خرجنا فاستسقينا فلما اجتمع الناس قال عيسى من كانت له خطية فلا يخرج معنا فانه لا حاجة لنا بأهل الخطايا فرجع الناس إلا اثني عشر رجلا قال لهم عيسى ما لكم خطايا قالوا بلى يا نبي الله قال فارجعوا فلا حاجة لنا بكم قال فرجعوا إلا رجلا اعور فقال له عيسى ما لك أنت خطية قال لا تعجل علي يا نبي الله نظرت نظرة إلى خطية بعيني هذه ففقأتها فلا اعلم لي ذنبا غيره قال له عيسى أنت صاحبي ادع أنت وأؤمن أنا قال بل ادع أنت وأؤمن أنا قال فدعا عيسى 
وأمن الرجل فما رجعوا حتى كادوا أن يدركهم الغرق  ]
[  قال يحيى وكان عيسى يقول لأصحابه بحق أقول لكم إن حب الدنيا رأس كل خطيئة والنظر يزرع في القلب شهوة وكفى بها خطيئة ]  (83)

(83)  نفس المصدر السابق : تاريخ مدينة دمشق ج47 ص 439 ، 442 ، 411

ولهذا كان خطاب السيد المسيح عليه السلام بشموليه ثورة ضد الخطيئة  .. لأن الخطيئة  تورث العمى في القلب
 والعمى يورث الظلمة وكما قال في الإنجيل :
[ فإذا كان الذي فيك ظلاما والظلام كم يكون ] ...
 [ متى : 6/ 23 ]
فعلى أنصار المسيح عليه السلام وتلاميذه القادمين من
 وسط الظلام أن يلبسوا أثواب النور 
 حتى يغطيهم مجد الله في الأعالي ... 


الزهــد قاعدة الثـــــورة النورانيـــة 
  [ لا تهتموا لحياتكم ]:


لقد كانت دعوة السيد المسيح عليه السلام  بنبذ الدنيا وشهواتها أصلا في مشروعه  ، وقاعدته في خطابه اليومي لأنصاره وتلاميذه .. ولهذا يؤكد أن العبودية وحدها لله  وليس للمال والدنيا ولا ..
[ يمكن لأحد أن يكون عبدا لسيدين :
 لأنه إما أن يبغض أحدهما و أما أن يلزم أحدهما فيهجر الآخر ، لا يمكنكم أن تكونوا عبادا لله  والمال معا ..]
25«لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ 26اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ  * يَقُولهَا.
 أَلَسْتُمْ أَنتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا ؟  27وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً ؟ 28وَلِمَاذَا تَهْتَمُّونَ بِاللِّبَاسِ؟ تَأَمَّلُوا زَنَابِقَ الْحَقْلِ كَيْفَ تَنْمُو! لاَ تَتْعَبُ وَلاَ تَغْزِلُ. 29وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ وَلاَ سُلَيْمَانُ فِي كُلِّ مَجْدِهِ كَانَ يَلْبَسُ كَوَاحِدَةٍ مِنْهَا. 30فَإِنْ كَانَ عُشْبُ الْحَقْلِ الَّذِي يُوجَدُ الْيَوْمَ وَيُطْرَحُ غَدًا فِي التَّنُّورِ، يُلْبِسُهُ اللهُ هكَذَا، أَفَلَيْسَ بِالْحَرِيِّ جِدًّا يُلْبِسُكُمْ أَنْتُمْ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ ؟ 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. 33لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.] ...
[ إنجيل متى : 6 : 25 ـ34 ]
والحق أن خطاب السيد المسيح عليه السلام هو ثورة في الزهد وقيمة مفتوحة لرصيد الروح في الثورة المقبلة 
 الواعدة على كل الأشكال الدنيوية ...
 ولهذا كان عليه السلام يؤسس  لثورة إنسانية مجتمعية خالية من الترف والانحطاط الدنيوي الذي كان السبب في الانحطاط القيمي والأخلاقي في بني إسرائيل .. وكهنتهم ورجال دينهم .. !!
ولهذا كان عليه السلام  يخاطب  الحواريين والأنصار أن يكونوا في الاتجاه المضاد لهذا الإفساد المنهجي الذي عمد منذ البداية لتفريغ الدين من مضمونه الروحي  التوحيدي لحساب المصالح والطوائف وأدوات الاستغلال المعادين للمسيح عليه السلام ..
وفي ختام القراءة الموجزة في القواعد التوحيدية في بناء المسيح الروحي وأمه البتول عليها السلام يقول إنجيل لوقا في النص :
[21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.
22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ : أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ : زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.] ...
[ لوقا : 2: 21ــ 24 ]
وفي النص ما يؤكد أن النبي  عيسى عليه السلام هو  كأي مولود بكر لأمه تنص الشريعة الموسوية على تقديم ذبيحة له عند ميلاده وهي التي تعرف
في شريعتنا الإسلامية بالعقيقة ..
أيها الحواريون المقبلون : أيها الأنصار القادمون ..
[ اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم  ، أنظروا إلى هذا الطير تغدوا وتروح ، لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها ، فإن قلتم نحن أعظم بطونا من الطير فانظروا إلى هذه الأباقر والوحوش والحمر فإنها تغدوا وتروح لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها . اتقوا فضول الدنيا فإن فضول الدنيا عند الله رجز ]   (85) 


ونتواصل بمشيئة الله في الحلقة المقبلة : 










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق