الأربعاء، 13 يونيو 2012

الثورة الروحية في خطاب السيد المسيح عليه السلام في الإنجيل والمصادر الإسلامية ... المجموعة 2 … الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي







 
الثورة  ...
الروحية في خطاب ...
السيد المسيح عليه السلام
في الإنجيل  ...
والمصادر ...
 الإسلامية ... 
=

المفكر الإسلامي 
الشيخ
محمد حسني البيومي
الهاشمي

... المجموعة الثانية ...
...............................

الثورة الروحية في خطاب السيد المسيح عليه السلام
في الإنجيل والمصادر الإسلامية ...

والراسخون في العلم الإلهي والنور الرباني : وهم أنصار الله وحواري المسيح المنحازين لخنادق التوحيد ومواجهة زيف الباطل .. فالكهنة الذين تاجروا بتوراة موسى عليه السلام  وقتلوا ا الأنبياء على موائد الزواني في بني إسرائيل هم الذين يقدمون ذواتهم في الواجهة وحالتهم كما وصف القرآن : 

{وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }  المائدة62

وهذا يتطابق حرفيا وبالتمام في خطاب السيد
المسيح عليه السلام في إنجيل متى
وهو في النص :
[13«لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا. 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ. 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟ 18وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ. 19أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟ 20فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ! 21وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ، 22وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ. 23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. 29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ 34لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، 35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!  ]

ويستطرد عليه السلام مخاطبا الفريسيين  
 أعداء روح الله المسيح :




[37«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا. 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ : إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!  ». (35)
وهو وعد الله تعالى في الإنجيل والقرآن بميراث الأرض للصالحين والقديسين .. ونزول السيد المسيح في بيت إسرائيل لأن مهماته لم تنتهي بعد بجمعهم على طريق  الرب وخيار السماء الموعود ..
ولهذا فقد شن الفريسيين في مواجهة السيد المسيح عليه السلام  حملة دعاية قاسية بين جموع الشعب في إسرائيل لخلق عزلة أمام مهماته الرسالية الخالدة فقالوا : حسب تسجيل الكتاب المقدس لخطاب المسيح عليه السلام :
[  22وَأَمَّا الْكَتَبَةُ  الَّذِينَ  نَزَلُوا  مِنْ أُورُشَلِيمَ  فَقَالُوا :  « إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ! وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». 23فَدَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ بِأَمْثَال:«كَيْفَ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَانًا؟ 24وَإِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. 25وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ. 26وَإِنْ قَامَ الشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَانْقَسَمَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ يَكُونُ لَهُ انْقِضَاءٌ. 27لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلاً، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ.] (36)
وهكذا استخدموا العلم في الدجل والحكمة في تحقيق المكسب والنهب !!  ولهذا أوصاهم السيد المسيح وأوصى الجموع والتلاميذ قائلا لهم :
[15وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «انْظُرُوا! وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الفريسيين وَخَمِيرِ هِيرُودُسَ» ] [  [ مرقص : 8 : 15 ـ17 ] (37)

والخمير هو تزييف وعي الناس بالدين ، فلا يجوز أن يأخذوا عنهم هذا الدين الذي خمروه بالفساد " لأنه هكذا عامل آباؤهم الأنبياء ، ولكن الويل لكم أنتم الأغنياء ــ المتكهنين ، فإنكم قد نلتم عزاءكم ، الويل لكم أيها المشبعون الآن .. فإنكم سوف تجوعون .. الويل لكم أيها الضاحكون الآن  .. فإنكم سوف تنوحون وتبكون .. الويل لكم إذا امتد حكم جميع الناس ، فإنه هكذا عامل آباءهم  الدجالين الأنبياء ]

[ مرقص 6: 23 ــ 26 ] (38)

(35)   [  إنجيل متى : 23: 13ــ 39 ]
(36)  [ إنجيل مرقص :3: 22 ]
التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 1989 = متى 12/ 24 ــ 29  = التفسير التطبيقي ص 1912 = لوقا : 11 : 14 ــ21  التطبيقي 2210
(37) نفس المصدر السابق :  التفسير التطبيقي للكتاب المقدس  ص 2010
(38)   التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص  2068

وفي الإنجيل : كان السيد المسيح يخاطب الفريسيين 
والكهنة عن حقيقة انتمائه الحقيقي :

[ أنتم من تحت ، أما أنا من فوق ، أنتم من هذا العالم وأنا لست منه ، لذا قلت لكم : ستموتون في خطاياكم ] 
[ يوحنا : 8 : 23 ــ 24 ] (39)
وهكذا أراد  السيد المسيح أن يزرع في أنصاره وتلاميذه القيم الروحية المتدفقة في الانتماء العلوي والسماوي في عالم الروح ..

[18وَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ جُمُوعًا كَثِيرَةً حَوْلَهُ، أَمَرَ بِالذَّهَاب إِلَى الْعَبْرِ. 19فَتَقَدَّمَ كَاتِبٌ وَقَالَ لَهُ:«  يَا مُعَلِّمُ، أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي ».  20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: « لِلثَّعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». 21 ]      (40)
وهنا يضرب السيد المسيح عليه السلام مثالا في التقشف والزهد والتواضع فهو لا يملك بيتا ولا قرارا في الأرض ، فكيف يكون له قرارا ويسألهم البعد عن الدنيا طلبا للآخرة ..
وفي المصادر الإسلامية ما يؤيد ذات الوجهة :
[عن مكحول عن كعب أن عيسى بن مريم كان يأكل الشعير ويمشي على رجليه ولا يركب ألرواب ولا يسكن البيوت ولا يصطبح بالسراج ولا يلبس الكراسف يعني القطن ، ولم يمس النساء ولم يمس الطيب ولم يمزج شرابه بشئ قط ولم يبرده ولم يدهن رأسه قط ولم يقرب رأسه ولحيته غسول قط ولم يجعل بين الأرض وبين جلده شيئا قط إلا لباسه ولم يهتم لغداء قط ولا لعشاء قط ،  ولا اشتهي شيئا من شهوات الدنيا وكان يجالس الضعفاء والزمنى والمساكين وكان إذا قرب إليه الطعام على شئ وضعه على الأرض ولم يأكل مع الطعام ]
.. عن عبد الله بن بديل العقيلي عن رجل يقال له عوسجة قال :
[  أوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام يا عيسى لو رأت عيناك ما أعددت لعبادي الصالحين لذاب قلبك وزهقت نفسك اشتياقا إليه ]
ــ وفي الرواية .. حدثنا جعفر حدثنا جحفرمالك بن دينار :
[ قال قالوا لعيسى بن مريم يا روح الله ألا نبني لك بيتا قال بلى ابنوه على شاطئ البحر ، قالوا إذا يجئ الماء فيذهب به ..  قال أين تريدون تبنون لي على القنطرة ] [عن ثابت البناني قال قيل لعيسى بن مريم لو اتخذت حمارا تركبه لحاجتك قال  :
[  أنا أكرم على الله يجعل لي شيئا يشغلني عنه ] (41)
_____________________________________

(39) نفس المصدر السابق :  التفسير التطبيقي للكتاب المقدس   ص 2201
(40) [ إنجيل متى : 8: 18 ـ 21 ]
(41) تاريخ دمشق   47 / 417  ، 419

وفي رواية أخرى مشابهة :

عيسى الزاهد لم يجد بيتا ولا قرارا :

ــ  حدثنا جعفر حدثنا جحفرمالك بن دينار قال:
[قالوا لعيسى بن مريم يا روح الله ألا نبني لك بيتا قال بلى ابنوه على شاطئ البحر قالوا إذا يجئ الماء فيذهب به قال : 
 أين تريدون تبنون لي على القنطرة ] .
ــ قال وأنبأنا أبو عبد الله الحافظ أنبأنا أبو عبد الله الصفار أنبأنا أبو بكر بن أبي الدنيا حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا يحيى بن اليمان عن شعيب بن إسحاق قال:
[  قيل لعيسى لو اتخذت بيتا قال يكفينا خلقان من كان قبلنا ]
ــ وفي الرواية :  عن عطاء بن السائب عن ميسرة قال :
[ ما بنى عيسى بيتا فقيل له إلا تبني فقال
 لا اترك بعدي شيئا من الدنيا اذكر به ]
ــ وفي رواية أخرى :
روي عن علي بن الحسن الربعي حدثنا ابن أبي الحواري قال :  سمعت أبا سليمان يقول :
[ بينما عيسى يمشي في يوم صائف وقد مسه الحر والشمس والعطش فجلس في ظل خيمة فخرج  إليه صاحب  الخيمة فقال  يا عبد الله قم  من ظلنا  فقام عيسى فجلس في الشمس وقال ليس أنت الذي اقمتني إنما اقامني الذي لم يرد أن أصيب من الدنيا شيئا ] ، [ وحدثني علي بن أبي مريم عن زهير أبي سعيد الموصلي قال:
[  أخبرت أن عيسى بن مريم دخل ذات يوم ربة 
فمطرت السماء فنظر الى ثعلب قد اقبل مستديرا بذنبه حتى دخل جحره فقال الحمد لله الذي جعل لكل شئ مأوى إلا عيسى بن مريم لا مأوى له فإذا هو بصوت يا ابن مريم ادخل الفج فدخل الفج فإذا هو برجل قائم يصلي فأقام عنده ثمانية عشر  يوما ينتظره  لينفتل من صلاته فيكلمه  فلما انفتل قال له يا عبد الله ما الذي أذنبت فاقبل 
العابد على البكاء وقال يا روح الله أذنبت ذنبا عظيما قال وما هو قال قلت يوما لشئ كان يا ليته لم يكن ]
ــ أنبأنا المعتمر بن سليمان التيمي قال :
[خرج عيسى على أصحابه وعليه جبة من صوف وكساء وتبان حافيا باكيا أشعث مصفر اللون من الجوع يابس الشفتين 
من العطش فقال السلام عليكم يا بني إسرائيل أنا الذي أنزلت الدنيا منزلتها بإذن الله ولا عجب ولا فخر أتدرون أين بيتي قالوا أين بيتك يا روح الله ، قال بيتي المساجد وطيبي الماء وادامي الجوع وسراجي القمر بالليل وصلاتي في الشتاء مشارق الشمس 
وريحاني بقول الأرض ولباسي الصوف وشعاري خوف رب العزة وجلسائي الزمنى والمساكين أصبح وليس لي شئ وأمسي وليس لي شئ وأنا طيب النفس غني مكثر فمن أغنى مني واربح ]
ــ حدثني محمد بن سباع النميري قال :

[ بينما عيسى بن مريم يسيح في بعض بلاد الشام إذ اشتد به المطر والرعد  والبرق فجعل يطلب شيئا يلجأ إليه فرفعت له خيمة من بعيد فأتاها فإذا فيها امرأة فحاد عنها فإذا هو بكهف في جبل فأتاه فإذا في الكهف أسد فوضع يده عليه ثم قال الهي 
جعلت لكل شئ مأوى ولم تجعل لي مأوى فأجابه الجليل تعالى مأواك عندي في مستقر من رحمتي لأزوجنك يوم القيامة مائة حوراء خلقاء بيدي ولأطعمن في عرسك أربعة آلاف عام يوم منها كعمر 
الدنيا ولآمرن مناديا ينادي أين الزهاد في الدنيا 
زوروا عرس الزاهد عيسى بن مريم  .. 
وفي الرواية بسنده .. 
عن ثابت البناني عن أبي رافع قال رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة وخفا راعي وحذاقة يحذف بها الطير   ]
... [   وعن سليمان بن احمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ثابت عن أبي العالية قال : " ما ترك عيسى بن مريم حين رفع إلا مدرعة صوف وخفي راع وقذافة يقذف بها الطير ] (42)

قال المسيح عليه السلام  :
 [ بحق أقول لكم كما لا يستطيع أحدكم أن يبتني على موج البحر دارا ، كذاكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا ]
وعن مجاهد قال : قال عيسى عليه السلام :
[ من ذا الذي بيته مدر يبني على موج البحر دارا ، تلكم الدنيا فلا تتخذوها قرارا ] (43)
و.. [عن ثابت عن أبي العالية قال ما ترك عيسى بن مريم حين رفع إلا مدرعة صوف وخفي راع وقذافة يقذف بها الطير ] 
[ حدثنا مالك بن دينار قال قال عيسى بن مريم معاشر الحواريين : 
[ إن خشية الله وحب الفردوس يورثان الصبر على المشقة ويباعدان من زهرة الدنيا ]  (44)
وهذا الخطاب الروحاني السماوي إلى روح الله جعله 
ينبذ الدنيا ويختار حياة الزاهدين ... 
وهو ما انعكس على خطابة لتلاميذه 
عليهم السلام :
قال عليه السلام أيضا  في خطابه الزاهد :
يا معشر الحواريين أزهدوا في الدنيا تصعد روحكم زاهدة الا من حب المولى عز وجل .. وتجردوا من زيف الدنيا تجدوا روح الإيمان تسمو بكم  إلى عليين ويريكم الباري مالا تشهدون ..
[عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال عيسى بن مريم يا معشر الحواريين كلوا الخبز الشعير واشربوا الماء القراح واخرجوا من الدنيا سالمين آمنين لحق ما أقول لكم إن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة وان بمرارة الدنيا حلاوة الآخرة وان عباد الله ليسوا بالمتنعمين لحق ما أقول لكم إن شركم عالم يؤثر هواه على عمله يود أن الناس كلهم   مثله ما أحب   إلى عبيد الدنيا أن يجدوا معذرة 
وأبعدهم منها لو كان يعلمون ]
_____________________________________

(42)  تاريخ دمشق   47 /421
(43)  رواه : ابن كثير : قصص الأنبياء ص 467
تاريخ دمشق   47 /421 ،   422 (44)

[ و ..  عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال كان عيسى بن مريم يقول لأصحابه : [ اتخذوا المساجد مساكن والبيوت منازل وكلوا من بقل البرية وانجوا من الدنيا بسلام ] (45)
[أنبأنا ابن المبارك أنبأنا وهيب قال قال عيسى بن مريم :
[ أربع لا تجتمع في احد من الناس إلا يعجب أو قال تعجب الصمت وهو أول العبادة والتواضع لله والزهادة في الدنيا وقلة الشئ ] (46)
ــ قال سفيان الثوري : يقول المسيح عليه السلام :
[ إنما تطلب الدنيا لتبر ، فتركها أبر ]  [  حدثنا محمد بن مطرف إن عيسى بن مريم قال  :"  يا ابن ادم الضعيف اتق الله حيث ما كنت وكن في الدنيا ضيفا واتخذ المساجد بيتا وعلم عينك البكاء وجسدك الصبر وقلبك التفكر ولا تهتم برزق فإنها خطيئة ] 
[  عن وهيب المكي قال بلغني إن عيسى قال يا معشر الحواريين أنى كتبت لكم الدنيا   فلا تنعشوها  فانه  لا خير في دار   قد عصي الله فيها   ولا خير   في دار لا تدرك الآخرة إلا بتركها فاعبروها ولا تعمروها ،    واعلموا إن أهل كل خطيئة حب الدنيا ورب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا ] [  قال عيسى بن مريم بطحت لكم الدنيا وجلستم  على  طهرها  فلا ينازعكم فيها إلا الملوك والنساء فأما الملوك فلا تنازعوهم  الدنيا  ،    فإنهم  لن يعرضوا لكم فاتركوهم  وديناهم  وأما النساء  فاتقوهن الصوم والصلاة ]
[فقال المسيح يا معشر الحواريين : 
 " عجبا للملوك وما أوتوا في هذه الدنيا وما سيصنع بهم يوم القيامة يا معشر الحواريين : "     إن الله  قد بطح لكم الدنيا   
على  وجهها وأجلسكم على ظهرها 
فليس يشارككم فيها إلا الشياطين  والملوك  
  فاستعينوا عليهم بالصوم والصلاة ، 
وأما الملوك فدعوهم والدنيا يدعوكم والآخرة ]
 [ قال يحيى وكان عيسى يقول  لأصحابه  يعني
 الحق أقول  لكم إن حب الدنيا   رأس كل خطيئة 
والنظر يزرع في القلب الشهوة  وكفى بها  خطيئة ] (47)
_____________________________________

(45) تاريخ دمشق   47 /423 ، 424
(46) تاريخ دمشق   47 /427 رقم 10284
(47) تاريخ دمشق 47/  434 ، 444

ــ  قال عيسى لأصحابه :

[ بحق أقول لكم انه من طلب الفردوس فخبز الشعير له والنوم في المزابل مع الكلاب كثير ] [عن سالم بن أبي الجعد قال قال عيسى بن مريم : [ اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم انظروا إلى هذه الطير تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها فان قلتم نحن أعظم بطونا من الطير فانظروا إلى هذه الأباقر من الوحوش فإنها تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد ] (48)

ــ  عن إبراهيم التيمي قال قال عيسى يا معشر الحواريين :
[  اجعلوا كنوزكم في السماء فإن قلب الرجل حيث كنزه ] (49)
و في هذه الخطابات المتكررة للسيد المسيح عليه السلام إنما يؤكد فيها عليه السلام على الأنموذج الروحاني الجليل وهم المسكونون والموصولون بالله تعالى ، أرادهم روحانيون سماويون مثله ، كنوزهم مخفية في السماء لا يعلم أهل الأرض عنهم شئ إلا الذي خلقهم ، فهو وحده يجزيهم بثورتهم الروحية في ذواتهم مجدا وخلودا في عالم الملكوت ..
(48) نفس المصدر السابق : تاريخ دمشق 47/  434 ، 444
(49)  تاريخ دمشق 47/  456

ــ يا معشر الحواريين   :
[ بحق أقول لكم ما الدنيا تحبون ولا الآخرة ترجون ولو كنتم تحبون الدنيا عملتم العمل الذي تدركون به الدنيا ، ولو كنتم ترجون الآخرة ، لعملتم العمل الذي تدركون به الآخرة .. بحق أقول لكم أمسيتم في زمان كلامهم كلام الأنبياء وفضلهم فضل السفهاء كلامكم دواء يبرئ الداء وقلوبكم داء لا تقبل الدواء فقد قتلتم أنفسكم على حب الدنيا قلوبكم تتلقى من أعمالكم وأعمالكم لا تتلقى من ذنوبكم اعلموا أن هذه الأرض تحمل الجبال وهذه الجبال تمسك الأرض وأجسادكم تحمل قلوبكم وقلوبكم لا تمسك أجسادكم بحب الدنيا زاغت فمالت بكم سحرت الدنيا عينكم ..  أصبحت الدنيا عندكم بمنزلة العروس المجلية   يعشقها كل من رآها وهي بمنزلة الحية لين مسها تقتل بسمها .. 
يا معشر الحواريين ليكن همكم من الدنيا أنفسكم تفوزوا بها ولا تكن   همتكم بطونكم وفروجكم تضمروا من الطعام وتملوا من الحكمة يا معشر الحواريين لو توكلتم على الله حق توكله لأتاكم بالرزق كما يأتي الطير رزقه في جو السماء تغدو خماصا   وتروح بطانا ..  يا معشر الحواريين هل تستطيعون أن تعبدوا زين يعني الدنيا والآخرة ، من طلب الدنيا ترك الآخرة ومن طلب الآخرة ترك الدنيا  الشعير وملح الجريش   واخرجوا من الدنيا سالمين يا معشر الحواريين قد تنطحت لكم الدنيا فجعلتكم فوقها فليس بنار علم فيها إلا اثنان الملوك والنساء،  أما الملوك فإن لم تنازعوهم   في دنياهم لم ينازعوكم في دينكم وأما النساء فاستعينوا عليهن بالصيام واعلموا أن النظر إلى النساء سهم من سهام إبليس مسموم ،    وهو يزرع الشهوة في القلب وكفى بصاحبها خطيئة إنما قتلت الملوك الأخيار لأنهم    دعوهم إلى دنياهم فلم يجيبوهم وأظهروا الناس على عيوبهم فقالوا نقتلهم فنستريح منهم يا معشر الحواريين لا تنازعوا أهل الدنيا في دنياهم فينازعوكم دينكم فلا دنياهم أصبتم ولا على دينكم استبقيتم يا معشر الحواريين تنطقوا بالحكمة التي جعل الله لكم في قلوبكم ولا تدنسوا
أبدانكم بعرض الدنيا ،  لا تسروا واعلموا أن هذه الحكمة تنور القلوب    إذا ما مسها العمل فلا تفسدوا فتفسدوا الناس وإن مثل الحكيم الذي يعمل بحكمته    كمثل  الشمس تضئ  للخلائق ولا تحرق نفسها وإن مثل الحكيم الذي لا يعمل بحكمته كمثل السراج يضئ من حوله وحرق نفسه ومثل الحكيم الذي يعمل بحكمته كمثل الأترجة   ريحها طيب وطعمها طيب وإن مثل الحكيم الذي لا يعمل بحكمته كمثل شجرة الدفلى  ورقها حسن وطعمها مر وإن مجالسة المؤمن الحكيم كمجالسة المسك إن لم يصبك منه شئ أصابك ريحه وإن مجالسة الرجل السوء بمنزلة مجالسة القبر إن لم يصبك شذاذه أصابك دخانه ، فإياكم وجالسة أهل المعاصي (50)

(50) تاريخ دمشق ج 68/    69

وفي الخطاب الترشيدي الروحاني لتلاميذه
يقول عليه السلام :

[ يا معشر الحواريين لا تصفوا البعوض عن شرابكم وتشترطوا القيلة تنزعون القذى من أعين الناس  وتدعون  العوارض في أعينكم ،  تنظرون  في ذنوب الناس  كأنكم أرباب لا تنظروا في ذنوب الناس فالأرباب ما نظروا في ذنوبكم كالعبيد  ما الناس إلا كالرجلين مبتلى ومعافى فارحموا صاحب البلاء واحمدوا الله على العافية ]
[ للمقارنة مع الخطاب في المصدر:  
أنظر إنجيل متى : 7 : 1ــ6     ]
وهو كالتالي :
[1«لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، 2لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟  5يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! 6لاَ تُعْطُوا الْقُدْسَ لِلْكِلاَب، وَلاَ تَطْرَحُوا دُرَرَكُمْ قُدَّامَ الْخَنَازِيرِ، لِئَلاَّ تَدُوسَهَا بِأَرْجُلِهَا وَتَلْتَفِتَ فَتُمَزِّقَكُمْ. ] [ متى : 7: 1ــ 6 ]
و يبعدهم  أيضا عن الرياء والنفاق وسلوك الأعداء والبحث عن الطريق السوي ولو كان فيه كربا ومشقة فيقول :
[7«اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. 8لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. 9أَمْ أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ إِذَا سَأَلَهُ ابْنُهُ خُبْزًا، يُعْطِيهِ حَجَرًا؟ 10وَإِنْ سَأَلَهُ سَمَكَةً، يُعْطِيهِ حَيَّةً؟ 11فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، يَهَبُ خَيْرَاتٍ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ! 12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ، لأَنَّ هذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.  13«اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! 14مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! ]
[ إنجيل متى : 7: 7 ــ 14 ]

ويحذرهم من الأنبياء والدجالين  الكذبة فيقول :
 [15«اِحْتَرِزُوا مِنَ الأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَكُمْ بِثِيَاب الْحُمْلاَنِ، وَلكِنَّهُمْ مِنْ دَاخِل ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ! 16مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَبًا، أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِينًا؟ 17هكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَارًا جَيِّدَةً، وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا رَدِيَّةً، وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَارًا جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. ] [إنجيل متى : 7: 15 ــ 19 ]
[P1Pوَلكِنْ، كَانَ أَيْضًا فِي الشَّعْبِ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا.  2Pوَسَيَتْبَعُ كَثِيرُونَ تَهْلُكَاتِهِمْ. الَّذِينَ بِسَبَبِهِمْ يُجَدَّفُ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِّ. ]
[ رسالة بطرس الرسول الثانية  2: الإصحاح الثاني : 1ــ2 ]
والأنبياء عليهم السلام يؤصلون لجيل المسيح عليه السلام حقيقة الدجل وسياسات التكذيب 
 يقول أشعياء النبي عليه السلام :
[8تَعَالَ الآنَ اكْتُبْ هذَا عِنْدَهُمْ عَلَى لَوْحٍ وَارْسُمْهُ فِي سِفْرٍ، لِيَكُونَ لِزَمَنٍ آتٍ لِلأَبَدِ إِلَى الدُّهُورِ. 9لأَنَّهُ شَعْبٌ مُتَمَرِّدٌ، أَوْلاَدٌ كَذَبَةٌ، أَوْلاَدٌ لَمْ يَشَاءُوا أَنْ يَسْمَعُوا شَرِيعَةَ الرَّبِّ. 10الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلرَّائِينَ: « لاَ تَرَوْا »، وَلِلنَّاظِرِينَ: « لاَ تَنْظُرُوا لَنَا مُسْتَقِيمَاتٍ. كَلِّمُونَا بِالنَّاعِمَاتِ. انْظُرُوا مُخَادِعَاتٍ. 11حِيدُوا عَنِ الطَّرِيقِ. مِيلُوا عَنِ السَّبِيلِ. اعْزِلُوا مِنْ أَمَامِنَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ».]
[ أشعياء : 30: 8 ــ11 ]
[13لأَنَّ  مِثْلَ هؤُلاَءِ  هُمْ رُسُلٌ كَذَبَةٌ  ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ. 14وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ  مَلاَكِ نُورٍ!   15فَلَيْسَ عَظِيمًا إِنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ. الَّذِينَ نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ.] [ رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنثوس : 11 : 13 ــ 15 ]

وعمد السيد المسيح عليه السلام الى ترسيخ الرؤية الروحية في تلاميذه حتى في آخر الزمان وكشف عرى الزيف والمشحاء الكذبة والدجالين المزعومين عن حركة الروح والإيمان فهو يضع الغربال ليكتشفوا به الحقيقة عن براثن الزيف فيقول خطاب الإنجيل  عن رحلته التعبوية التربوية الشاقة حتى في زمن الحرب والنهاية :

[3وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ:
«قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟» 4فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:« انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. 5فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 6وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوب ، وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. 7لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ. 8وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. 9حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. 10وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 11وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. 12وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. 13وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. 14وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى.
15«فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دانيال النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ ­لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ­ 16فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، 17وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، 18وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. 19وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! 20وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ، 21لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. 22وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. 23حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 24لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. 25هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. 26فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ : هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. 27لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. 28لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ. ] [ إنجيل متى : 24: 3ــ 28 ]
وعن البشارة المباركة بعودته وقدومه الثاني فهو يؤصلها كعقيدة روحية للبناء المجتمعي والروحي المقبل في آخر الزمان ، حيث تسود الحروب وتسيل الدماء من أجل تمام الزيف والباطل  وعن هذه الأحوال يقول عليه السلام في خطابه :
[29«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. 32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. 33هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. ] [ إنجيل متى : 24: 29ــ 35 ]
البشارة بملكوت السموات في الإنجيل :
وهذا الموضوع  والمصطلح يحتاج منا إلى مبحث ورسالة مستقلة لأهميته ، وما يهمنا في هذا المبحث هو الإشارة المهمة في خطاب السيد المسيح عليه السلام على البشارة بقدومه وهو زمان [ الثورة الروحية النورانية العالمية ] ومن خلال هذه الدلائل في الخطاب المقدس نكتشف أهمية البشارة في ربط جماهير الأمم بالروح السماوية وتشكيل العقل الروحي المقبل على ثوابتها المركزية الهامة في البناء الثوري والحضاري المقبل ، وهذا المصطلح للأمانة العلمية كان له وجهات وتفسيرات عديدة على المستوى الفكري والتفسيري العالمي وخاصة في قراءة شخصية المسيح المنتظر الخاتم عليه السلام ولسلامة الوجهة والتفسير الروحاني التوحيدي بين مساحة التفسيرات الدينية السائدة نؤكد في مبحثنا أنه يكفينا أن هذه الشخصية
 [ ملكوت السموات ]
هي من سياق التوجه العقيدي الذي بشر به المسيح بن مريم عليه السلام  وهو الآتي بعده  .. وعندما تتحقق الشارة ستكون الأمم في حل من كل المباحث .. ولكن ما يهم تبيانه في خطاب السيد المسيح المقدس في الإنجيل وفي المصادر الإسلامية هو أن السيد المسيح كما تناولناه مختصرا قد حذر من المشحاء المزعومين والمعلمين الكذبة وخطرهم على المفهوم الروحي والإيماني وتحديدا في زمان وعد الآخرة المحدد في القرآن في
 سورة الإسراء الآية : 7، 104 ، والمحددة في الأناجيل بمصطلح : 
[ رجسة الخراب ] 
[ إنجيل متى : 24 : 15 ] ،
 [ إنجيل مرقص : 13: 14 ] أو مصطلح الضيقة العظيمة كما جاء في [ يوحنا اللاهوتي : 7 : 14 ] وعلى هذه المساحة التفسيرية يوجه السيد المسيح خطابه التربوي الروحاني المقبل وهو الذي يرسمه دانيال النبي في نبؤاته بقوله :
[26فَيَجْلِسُ الدِّينُ وَيَنْزِعُونَ عَنْهُ سُلْطَانَهُ لِيَفْنَوْا وَيَبِيدُوا إِلَى الْمُنْتَهَى. 27وَالْمَمْلَكَةُ وَالسُّلْطَانُ وَعَظَمَةُ الْمَمْلَكَةِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ تُعْطَى لِشَعْبِ قِدِّيسِي الْعَلِيِّ. مَلَكُوتُهُ مَلَكُوتٌ أَبَدِيٌّ، وَجَمِيعُ السَّلاَطِينِ إِيَّاهُ يَعْبُدُونَ وَيُطِيعُونَ. 28إِلَى هُنَا نِهَايَةُ الأَمْرِ. ] 
[ دانيال : 7: 26 ـ 28 ]
وهنا لزم في التربية الروحانية تأهيل الأمم لاستقبال المرحلة المحتومة ، يقول إنجيل متى :
[1وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ 2قَائِلاً: «تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. ] [ 3ــ1 ]
وتتحدد المسألة عميقا بقول المسيح عليه السلام عن جيل لهم ميراث الأرض وهم الصالحون والودعاء والأتقياء والمناضلين من أجل الروح الملكوتية  وسماتهم أنهم ملاحقون مطرودون كالأنبياء عليهم السلام .. وعلى كل المناضلين من أجل قضايا الإنسان والمستضعفين والمطرودين في العالم أن يجدوا الأمل المرتقب  في الأمل الذي يسطره السيد المسيح عليه السلام والذي نراه أمل المسلمين والنصارى وكل الأحرار في العالم : وفي السياق يقول عليه السلام في خطاب الإنجيل :

[فَلَمَّا جَلَسَ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ. 2فَفتحَ فاهُ وعَلَّمَهُمْ قَائِلاً: 3«طُوبَى لِلْمَسَاكِينِ بِالرُّوحِ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ. 5طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ. 6طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ. 7طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ، لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ. 8طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ، لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللهَ. 9طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ. 10طُوبَى لِلْمَطْرُودِينَ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ، لأَنَّ لَهُمْ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. 12اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ . ] 
[ إنجيل متى : 5: 3ــ 12 ]
وفي ضوء ذلك كانت مهمة السيد المسيح عليه السلام في البشارة هما يوميا وروحا متواصلة لتهيئة البيت الإسرائيلي وتطهيره عبر الحواريين وهم الطليعة الروحية المصطفاة من الله تعالى للرسالة الروحية والبشارة بزمان ملكوت الثورة الروحية الكونية ، وهو ما أصطلح عليه في الإنجيل بملكوت السموات القريب بزوغه وهذا الجيل المرشح كطليعة ثورية لتحقيق مرتكزاته قد حددناها في مبحثنا تحت عنوان [ مرتكزات الثورة الروحية ]  ...


وقد حددها خطاب السيد المسيح تماما في إنجيل متى  
[ 5: 3: 3ــ 12 ]  

وفي أكثر من مناسبة في خطاباته ذات الدلالة الروحية والتاريخية وهي في نظرنا تأصيل لمنهجية روحية مقبلة ...  وفي السياق يقول السيد المسيح في خطابه المحدد والتاريخي
 المهمة والمؤهل
وسمات المستقبل في نضال هؤلاء 
الحواريين العظام  :
[5هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً:
: [ إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. 7وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. 8اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصًا. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّانًا أَخَذْتُمْ، مَجَّانًا أَعْطُوا. 9لاَ تَقْتَنُوا ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاسًا فِي مَنَاطِقِكُمْ، 10وَلاَ مِزْوَدًا لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصًا، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِق  طَعَامَهُ.
11[ وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِق ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. 12وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، 13فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقًّا فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا فَلْيَرْجعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ. 14وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجًا مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ.
16[ هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسْطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. 17وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. 18وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ. 19فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، ]
[ إنجيل متى : 10: 5ــ19 ] 


وأن هذه الطليعة الإلهية الروحية هي
 وحدها من تملك مفتاح السر الملكوتي وأسرار 
الثورة الروحية الكونية المقبلة ... 


وعن سر
 الملكوت المقدس أجاب عليه السلام :

 [11فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ:«لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ. 12فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ، وَأَمَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ سَيُؤْخَذُ مِنْهُ. 13مِنْ أَجْلِ هذَا أُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَال، لأَنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَسْمَعُونَ وَلاَ يَفْهَمُونَ. 14فَقَدْ تَمَّتْ فِيهِمْ نُبُوَّةُ إِشَعْيَاءَ الْقَائِلَةُ: تَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَمُبْصِرِينَ تُبْصِرُونَ وَلاَ تَنْظُرُونَ. 15لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْب قَدْ غَلُظَ، وَآذَانَهُمْ قَدْ ثَقُلَ سَمَاعُهَا. وَغَمَّضُوا عُيُونَهُمْ، لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِعُيُونِهِمْ، وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ، وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَيَرْجِعُوا فَأَشْفِيَهُمْ. 16وَلكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ. 17فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا ] 

[ إنجيل متى : 13: 11ــ16 ] 

وقد عبر خطاب السيد المسيح عن سمات ملكوت السموات بالرمزية والأمثلة ولم يفصح بسبب الحصار الفريسي المناوئ والمخاطر المحيطة به في بلاط بيلاطس والله أعلم
 [ أنظر : إنجيل متى : 13: 3 4ــ 41 ُ]
ولحين انكشاف السر الروحي يختم عليه السلام بقوله :
[43حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ، فَلْيَسْمَعْ. ] [إنجيل متى : 13: 3 4]
وفي تجربة السفينة والمشي على الماء أراد عليه السلام تأصيل مفهوم الإيمان الروحي عند تلاميذه :
23[ وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ تَبِعَهُ تَلاَمِيذُهُ. 24وَإِذَا اضْطِرَابٌ عَظِيمٌ قَدْ حَدَثَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَطَّتِ الأَمْوَاجُ السَّفِينَةَ، وَكَانَ هُوَ نَائِمًا. 25فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَأَيْقَظُوهُ قَائِلِينَ:«يَا سَيِّدُ، نَجِّنَا فَإِنَّنَا نَهْلِكُ!» 26فَقَالَ لَهُمْ:« مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟  » ثُمَّ قَامَ وَانْتَهَرَ الرِّيَاحَ ]
وفي تجربة روحية أخرى أراد تأصيل العلاقة
مع الله بروح المعجزة والإيمان :

[1فَدَخَلَ السَّفِينَةَ وَاجْتَازَ وَجَاءَ إِلَى مَدِينَتِهِ. 2وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحًا عَلَى فِرَاشٍ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: « ثِقْ يَا بُنَيَّ. مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». 3وَإِذَا قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ قَدْ قَالُوا فِي أَنْفُسِهِمْ: « هذَا يُجَدِّفُ! » 4فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، فَقَالَ:« لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِالشَّرِّ فِي قُلُوبِكُمْ؟ 5أَيُّمَا أَيْسَرُ، أَنْ يُقَالَ: مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ، أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَامْشِ؟ 6وَلكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لابْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا». حِينَئِذٍ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ:« قُمِ احْمِلْ فِرَاشَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ! » 7فَقَامَ وَمَضَى إِلَى بَيْتِهِ. 8فَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعُ تَعَجَّبُوا وَمَجَّدُوا اللهَ الَّذِي أَعْطَى النَّاسَ سُلْطَانًا مِثْلَ هذَا. ]
[ إنجيل متى : 9: 1ــ 8  ]
وفي خطاب روحي آخر يؤصل لتلاميذه ضرورة الثبات على العقيدة الروحية رغم المحنة والتكذيب  خلال النضال الروحي اليومي والمقبل :
[20وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ:
[« طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْمَسَاكِينُ، لأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ اللهِ. 21طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْجِيَاعُ الآنَ، لأَنَّكُمْ تُشْبَعُونَ. طُوبَاكُمْ أَيُّهَا الْبَاكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَضْحَكُونَ. 22طُوبَاكُمْ إِذَا أَبْغَضَكُمُ النَّاسُ، وَإِذَا أَفْرَزُوكُمْ وَعَيَّرُوكُمْ، وَأَخْرَجُوا اسْمَكُمْ كَشِرِّيرٍ مِنْ أَجْلِ ابْنِ الإِنْسَانِ. 23اِفْرَحُوا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَتَهَلَّلُوا، فَهُوَذا أَجْرُكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاءِ. لأَنَّ آبَاءَهُمْ هكَذَا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ. 24وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، لأَنَّكُمْ قَدْ نِلْتُمْ عَزَاءَكُمْ. 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الشَّبَاعَى، لأَنَّكُمْ سَتَجُوعُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ، لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ. 26وَيْلٌ لَكُمْ إِذَا قَالَ فِيكُمْ جَمِيعُ النَّاسِ حَسَنًا. لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ آبَاؤُهُمْ يَفْعَلُونَ بِالأَنْبِيَاءِ الْكَذَبَةِ. ]
[ إنجيل لوقا : 6: 20 ــ 26 ]
[27«لكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا السَّامِعُونَ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، 28بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ. 29مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا. 30وَكُلُّ مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ، وَمَنْ أَخَذَ الَّذِي لَكَ فَلاَ تُطَالِبْهُ.  31وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ هكَذَا. 32وَإِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُحِبُّونَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُمْ. 33وَإِذَا أَحْسَنْتُمْ إِلَى الَّذِينَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يَفْعَلُونَ هكَذَا. 34وَإِنْ أَقْرَضْتُمُ الَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ، فَأَيُّ فَضْل لَكُمْ؟ فَإِنَّ الْخُطَاةَ أَيْضًا يُقْرِضُونَ الْخُطَاةَ لِكَيْ يَسْتَرِدُّوا مِنْهُمُ الْمِثْلَ. 35بَلْ أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ، وَأَحْسِنُوا وَأَقْرِضُوا وَأَنْتُمْ لاَ تَرْجُونَ شَيْئًا، فَيَكُونَ أَجْرُكُمْ عَظِيمًا وَتَكُونُوا بَنِي الْعَلِيِّ، فَإِنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ. 36فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضًا رَحِيمٌ. 37«وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ. 38أَعْطُوا تُعْطَوْا، كَيْلاً جَيِّدًا مُلَبَّدًا مَهْزُوزًا فَائِضًا يُعْطُونَ فِي أَحْضَانِكُمْ. لأَنَّهُ بِنَفْسِ الْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ ».] 
[ إنجيل لوقا : 6: 27 ــ 37 ] ..
[43«لأَنَّهُ مَا مِنْ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا رَدِيًّا، وَلاَ شَجَرَةٍ رَدِيَّةٍ تُثْمِرُ ثَمَرًا جَيِّدًا. 44لأَنَّ كُلَّ شَجَرَةٍ تُعْرَفُ مِنْ ثَمَرِهَا. فَإِنَّهُمْ لاَ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ تِينًا، وَلاَ يَقْطِفُونَ مِنَ الْعُلَّيْقِ عِنَبًا. 45اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشَّرَّ. فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ فَمُهُ. 46 ]
[ إنجيل لوقا : 6 : 34ــ46 ] (51)

(51) فصلنا الموضوع بتوسع في كتابنا : روح الله المسيح بن مريم ومعجزاته في القرآن والإنجيل " تحت الطبع " وكذلك مباحثنا في العهد الجديد والقديم  ...


يا معشر الحواريين : 


 [ إن الله قال لموسى يا موسى لا تحلف باسمي كاذبا وأمر موسى بني إسرائيل لا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون وأنا آمركم أن لا تحلفوا بالله صادقين ولا كاذبين ولكن قولوا نعم ولا يكفي بالكذب إثما وبالحلف غدرا ، يا بني إسرائيل كونوا حكماء علماء لا تضعوا الحكمة إلا عند أهلها ولا تكتموها أهلها فإنكم إن تكلمتم بالحكمة عند غير أهلها جهلتم  وإن  منعتموها أهلها فقد ظلمتموها  فكونوا  كالطيب العالم  الذي  يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع فقولوا الحكمة واعملوا بها واقبلوها ممن يقولها وإن أبغضتم قائلها واجتنبوا قول السوء وإن أحببتم قائله حبوا من أبغضكم وصلوا من قطعكم واعطو من حرمكم وصلوا على من لعنكم فإنكم إن كنتم تحبون من أحبكم وتعطون من أعطاكم كانت تلك مكافأة فليس لكم فضل على أحد ولكن أعطوا من منعكم وبروا بآبائكم وأمهاتكم ليصرف الله عنكم العسر وييسر لكم اليسر ،   أعفو عن الناس يعف الله عنكم ألا ترون إلى ربكم كيف تشرق الشمس على أعدائه ويقسم رزقه لهم لا يحرمهم أرزاقهم لمعصيتهم إياه ويدعوهم إلى التوبة على أن يدخلهم الجنة واعلموا أن لكل كلمة حسنة أو سيئة جوابا تعطون جوابها يوم القيامة ،      وإذا قرب أحدكم قربانه ليذبحه فيذكر أن أخاه عليه في نفسه فليترك قربانه وليذهب إلى أخيه فيرضيه ثم ليذبح قربانه .. يا بني إسرائيل كافئوا بالإحسان وادرءؤا بالحسنة السيئة عند   الله حسب كل امرئ إذا أخذ قميص أحدكم فليبسط إزاره أيضا من لطم خده فليملكن   خده الآخر  فيلطمه ، وإن سخرك  رجل ميلا   فاذهب معه  ميلا آخر،  وأيما رجل  منكم أصاب الخطيئة بعينه فإن كان لله رضا أن ينزعها فلينزعها وإن أصاب بعينيه جميعا فإن كان لله  رضا أن ينتزعهما جميعا فلينتزعهما فإنه أريك في الدنيا أعمى وفي الآخرة بصير
له وإن أصاب الخطيئة بيديه ورجليه كان لله رضا أن يقطعهما فليقطعها جميعا فإنه لا يكون له في الدنيا يدان ولا رجلان خير له من أن يكون له يدان ورجلان في النار . .. يا بني إسرائيل لا تجالسوا الملوك على موائدهم ولا تأكلوا ما يأكلون لا تلبسوا ما يلبسون ولا تركبوا ما يركبون فإن ذلك منعة لكم عند الله ونقص في الدرجات يا بني إسرائيل ما يغني عن البيت المظلم السراج عن ظهره وباطنه مظلم فابدوا بيوتكم فأسرجوا فيها قبل أن ينتهب ما فيها فتخرب ولا تعطوا الناس سرجكم ابتدوا بأنفسكم فأدبوها  وعظوها ، واعملوا  بالحكمة ثم  علموها الناس  ما يغني عن الجسد إذا كان ظاهره صحيحا وباطنه فاسدا ما تغني عنكم أجسادكم إذا عجبتم  وقد فسدت   قلوبكم وماذا يغني عنكم أن تبقوا جلودكم وقلوبكم دنسة تخرجون الحكمة إلى الناس وتمسكون الغل في صدوركم لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة فذلك الحكمة تخرج من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم دعوا الشر ثم اطلبوا الخير ينفعكم ، فإنكم إذا جمعتم الخير والشر فكيف ينفعكم الخير ؟  إن الذي يخوض الماء لا بد أن يصيب ثوبه نضح الماء وإن جهد فكذلك من يحب الدنيا لا ينجو من الخطايا..  يا عبيد الدنيا طوبى للمجتهدين بالليل أولئك يؤتون النور الدائم قاموا في ظلماء الليل فمشوا على أرجلهم فالتمسوا مساجدهم بأيديهم يتضرعون إلى ربهم في حسن النفقة فأجابهم ربهم في الرخاء فسعدوا في الشدة صبروا بالصبر   من ظلمة خطاياهم ورعوا في مساجدهم العمل وسقوا زرعهم من دموع أعينهم حتى نبت زرعهم وأدرك الحصاد ليوم فقدهم ، فوجدوا عاقبة ذلك عند ربهم في يوم يحشر فيه المبطلون قلوبهم معلقة عند ربهم وأجسادهم في الدنيا منتصبة قد غلبهم اليوم فخروا على وجوههم لما رجوا من رحمته ،  ورهبوا من عذابه فمن يكون زرعه المر لا يحصد حلوا ومن يكن الحلو زرعه لا ينبت له المر ومن كان زرعه مرا حصد في آخر زمانه مرا مثل ما زرعه ومن كان زرعه حلوا فحصد   في آخر زمانه مثل زرعه كما لا يجتنى من الشوك التمر كذلك لا يجزى السئ إحسان بحق أقول لكم إن الدنيا خلقت وجعلت مزرعة توزع فيها العباد الخير والشر فمنفعة الخير يوم حصاده ومزرعة الشر شقاء وبلاء وعذاب يوم حصاده ضرب الله لكم مثل الآخرة خلقت للحصاد والدنيا جعلت للزرع فمن زرع وبذر اليوم فإنه يحصد يوم القيامة فليتفكر المتفكر فيما يضره وما ينفعه  فإن الخير  ينفعه  والشر  يضره فأحسن  إبن آدم إلى طبيبك يقوم عليك في السقم غدا  ، فسقمك لا يزال يعتريك  الطبيب لم تفعل فكيف تفعل بك الكرامة وأنت إياه لم تكرم فصانعوا  ربكم اليوم ليوم الأكبر وتجهزوا للعرض عليه فإنه قد دنا من الله إليكم فراغ فكان منكم كطرفة عين الناظرلا تمشوا مع الأشرار فتشبهون بهم فإن للحكماء فيهم عبرة وعبرة الحكماء لهو السفهاء ولهو السفهاء عبرة الحكماء فالحكيم يعتبر بالجاهل والجاهل  بهواه عليكم ما كسبتم فاجتمعوا عليها وأطيلوا حبسها لا يخرج من أفواهكم ما لا يحل لكم وقد جعل الله لألسنتكم أطباقا فأطبقوها فأعرض للمؤمن الكلام ما لا يحل ، قد جعل الله لأعينكم أطباقا ..  فأطبقوا عندما لا يحل لكم يا عبيد الدنيا إنه من لا يستعين على حمله لا يستطيع أن يحمله ومن لا يتوب إلى ربه كيف يغفر له ومن لا يغسل   فكيف يغنيه ومن لا يتب من الخطايا كيف يقبل منه ومن يركب البحر بغير سفينة كيف ينجو من الغرق ومن لا يترك المعاصي كيف يتخلص من الذنوب ومن لا يتناول الطعام بيده كيف يأكل ومن لا يتواضع لربه كيف يعبده ومن لا يضر مسسعه   كيف   يقطع به ومن لا يعمل عملا صالحا كيف ينفعه ومن لا يخشى العقوبات كيف يترك المحارم ومن لا يهمه عيب وجهه كيف ينظر في المرآة ومن لا تهمه الخطايا كيف يترك الذنوب ومن لا يبذل ماله لحليله كيف يحبه ومن لا يطيع ربه كيف يذهبه . . يا عبيد الدنيا ماذا ينقص من نور الشمس من هو قائم فيها بل ينتفع من مشى فيها وكذلك الله لا ينقص ما أعطى بل يزيد من شكر ... يا عبيد الدنيا إن العسل ليس في الزق كل ساعة كذلك الحكمة ليس قلوبكم كل ساعة ،   
  إن الزق ما لم ينخرق سوف يساد فيه العسل كذلك أنتم ما لم تخرق   شهوات الدنيا قلوبكم فسوف يعاد فيها الحكمة فلا تفسدوها بالخطايا ولا يطولن بكم الأمد إن ابتليتم بشئ من ذلك ولكن اصبروا على ترك الخطايا فإن ترك الخطايا أهون من طلب التوبة يا عبيد الدنيا ما أكثر الشجر وليس كله يثمر وما أكثر العلماء وليس كلكم يعمل إن الدابة ما لم ترض تستصعب وإن قلوبكم ما لم تلق تتركوا   العلم ...
 يا عبيد الدنيا إنكم لا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون ولا تبلغون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون ولا ينتظر امرؤ بتوبته لغد فإن من دون غد يوما وليلة وأمر الله غاد ورائح  إذا كنت
 في عشرين أعمى كلهم يقولون :  
  لم تطلع الشمس وأنت تنظر  إليها   فلا تصدقهم وإن جاءك أعمى وأنت على الطريق فقال : إن هذا ليس بطريق فعلي كيف تدعوني إلى الطريق وأنت أعمى لا تبصر..    
 يا عبيد الدنيا كيف يكون من أهل الآخرة من لا تنقضي شهوته من الدنيا ومن لا تنقطع فيها رغبته يا عبيد الدنيا لو أن الله لم يعذب على الخطايا لكنتم متحققين أن تدعوها شكرا لما أنعم عليه ... بحق أقول لكم يا عبيد الدنيا إذا أفسدتم آخرتكم  وجعلتم العلم  تحت ألسنتكم   والعمل تحت  أقدامكم فلا أنتم تستعتبون لكن على الناس تطعنون فأي الناس أخسر منكم لو تعلمون..  يا عبيد الدنيا خفتم ربكم على الناس وأمنتموه على أنفسكم فكيف يبغض أحدكم صاحبه على الظن ويدع نفسه على اليقين ؟ أم كيف يغضب أحدكم إذا ذكر بعض ذنوبه وهي حق   ؟ 
ويفرح إذا مدح بما ليس فيه ...   
بحق أقول لكم ما عمرت أرواح إبليس في شئ ما عمرت فيكم إنما أعطاكم الله الدنيا لتعملوا فيها ولم تعطلوها لتشتغلوا عن الآخرة إنما بسطها لكم لتعلموا ولم يبسطها لكم لتضلوا إنما أعانكم بها على العبادة ولم يعنكم بها على الخطايا وإنما أمركم فيها بطاعته 
ولم يأمركم فيها بمعصية  
   وإنما أعانكم فيها على الحلال ولم يبخل   لكم بها الحرام ،    
وإنما وسعها لتواصلوا    بها ولم يوسعها لكم لتعاطوا فيها إذ كنتم مساكين جياعا عراة تركتم الإثم والحرام حين كنتم أغنياء شباعا بخير وقعتم في الحرام بئس ما  صنعتم بأنفسكم ونعم ما صنع بكم ربكم حين كنتم هزالى ضعفى حملتم الأوساق   الثقيلة ،   وحين سمنتم عجزتم عنها وحين كنتم عميان   بصركم وحين أبصرتم عميتم وحين كنتم صما أسمعكم وحين سمعتم صممتم وحين كنتم جهالا علمكم وحين صرتم معلمين كلكم جهلتم   وحين كنتم أمواتا  أحياكم وحين أحياكم متم ،  وحين كنتم ضلالا هداكم وحين  اهتديتم  ضللتم  وحين  كنتم أذلة مستضعفين سألتم العز والسلطان وحين أعطيتم كفرتم وحين كفر الناس استقبحتم وحين فتح لكم ضيعتم وحين صرفت 
عنكم الدنيا أخلصتم أعمالكم ...
يا صاحب العلم إن الأجر محروص عليه  ولا يدركه  إلا من عمل ولا يفتح إلا لمن يسأله ولا يجده إلا من طلبه يا صاحب العلم  إن الشجر  يتفاضل  في الثمار  وكذلك تتفاضل الرجال بالقول والأعمال ...  
  يا صاحب العلم إن الشجر لا يكمل إلا بالثمر وطيبه فكذلك لا يكمل الدين إلا بتحرج عن المحارم ،  يا صاحب العلم إن الماء يطفئ النار وكذلك ينبغي للعلم أن يطفئ الغضب ..  
 يا صاحب العلم إن الزرع لا يصلح إلا بالماء والتراب 
وكذلك الإيمان والعمل.. 
   يا صاحب العلم كل شئ إنما ينبت بالزرع وكذلك الله يجزى كل عامل بما عمل ... يا صاحب العلم إنه لا يجتنى الماء والنار في إناء واحد كذلك لا يجتمع الفقه والغناء في قلب واحد .. 
يا صاحب العلم إذا زال القلب عن حب النصر لله فإنه 
كالحجر الثقيل يجر من الهبوط إلى الصعود ..
يا صاحب العلم إنه لا يكون مطر بغير سحاب  كذلك  لا يكون   ــ لاتكون ــ مرضاة الله إلا بقلب نقي يا صاحب العلم إن السارق إذا اطلع على شئ من عمله  ووجدت عنده السرقة  يكذب ذلك معذرته وتستبين للناس معرفته ، كذلك القارئ إذا عمل معصية الله 
استبان للناس أنه لا يريد بقراءته وجه الله 
يا صاحب العلم إن الزانية إذا حملت يفضحها 
حملها وكذلك يفتضح بالعمل من كان يغر الناس 
بالقول الحسن ويقول ما لا يفعل ...
يا صاحب العلم إن النفس نور كل حي وإن الحكمة نور كل قلب وإن النفوس رأس كل حكمة  والحق بابه  كل خير ،  ورحمة الله باب كل حق  ومفتاح ذلك الدعاء والتضرع إلى الله وكيف يفتح باب بغير مفتاح ..  يا صاحب العلم إن الرجل الحكيم لا يغرس في شجرة إلا شجرة يرضاها ولا يحمل على خيله إلا فرسا يرضاه ولا يحرث إلا ببذر يرضاه فكذلك المؤمن العالم لا يعمل الأعمال إلا برضا ربه ...
يا صاحب العلم إن الصقالة تصلح السيف وتجلوه وكذلك الحكمة في قلب الحكيم مثل الماء في الأرض الميتة وهي في قلب الحكيم مثل النور في الظلمة يضئ به الناس .. يا صاحب العلم إذا عرض لك الشيطان فقال كيف رفع الله السموات بغير عمد فقل إن لم تكن شهدت السموات كيف رفعت وبنيت فقد رأيت سماء مثلها سحابا ينشطها الله ثم يؤلف بينه في ساعة فيكون سماء دون هذه فبعث الله عليه شمسها وقمرها ثم يكشطها عن وجه السماء وكذلك يكشط الله عن وجه الأرض يوم القيامة ..
يا صاحب العلم إن نقل الحجارة عن رؤوس الجبال أهون من أن تحدث من لا يقبل حديثك فيكون مثلك في ذلك كمثل الذي ينقع الحجارة في الماء لتلين وكمثل الذي يضع المائدة لأهل القبور وكمثل المغني عند الميت وكمثل الذي يريد أن يجتني العنب من الشوك يا صاحب العلم احبس الفضل من قولك الذي يخاف عليك المقت من ربك يا صاحب العلم لا تحدث حديثا إلا بحكمة تفهمه ولا تغبط أمرا في قوله حتى يستبين لك عمله .. يا صاحب العلم  تعلم من  العلماء  ما  جهلت  وعلم  الجاهل  ما علمت.. يا صاحب العلم عظم العلماء بعلمهم ودع منازعتهم ولا تصغر الجهال    جهلهم ولا تطروهم ولكن علمهم وقربهم ...        يا صاحب العلم اعلم أن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها ... 
 يا صاحب العلم إن كل معصية عجزت عن نوبتها بمنزلة عقوبة تعاقبها ... يا صاحب العلم كرب الموت لا تدرى شئ يغشاك فاستعد له قبل أن يغشاك ] (51)

 (51) نفس المصدر السابق :  تاريخ مدينة دمشق ج 68/  69







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق