الأربعاء، 13 يونيو 2012

الثورة الروحية في خطاب السيد المسيح عليه السلام في الإنجيل والمصادر الإسلامية ... المجموعة 1 ... الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي ...



 


 
الثورة  ...
الروحية في خطاب ...
السيد المسيح عليه السلام
في الإنجيل  ...
والمصادر ...
الإسلامية ...


المفكر الإسلامي الشيخ
محمد ... 
حسني البيومي ...
 الهاشمي ...

... المجموعة الأولى ...


الثورة الروحية في خطاب السيد المسيح عليه السلام 
في الإنجيل والمصادر الإسلامية ...


المفكر الاسلامي الشيخ
محمد حسني البيومي الهاشمي 

المجموعة الأولى ...


أولا : خطاب السيد  المسيح في المصادر الإسلامية : 


المدخــــــل :
: الحق .. لقد كان خطاب السيد المسيح عليه السلام إلى الحواريين أنموذجا رفيعا في البناء التربوي ...
والكمال الذاتي ...
 فهو يتجه إلى بناء حالة إيمانية روحية مطلقة وثورة إنسانية ومجتمعية شمولية في مواجهة أشكال الطغيان الحكومي والديني ...

  ثورة صلبة ولكنها رقيقة في الروح وعطاءها الإنساني ...
 لا يكتنفها بالمطلق الارتباط الدنيوي ...
شعاره فيها الزهد ونبذ الدنيا ...
والعمل بالعلم إلى  سلك الواصلين  والمتصلين الروحانيين .. 
وفي هذا الباب الروحاني تكمن أبجديات الثورة في علم أصول الثورة  .. سنكتشف من خلالها أننا نغوص حقا في أعماق الروح ودرجات الواصلين الربانيين ... 

إنها باختصار مفيد روح رأس الزاهدين عيسي بن مريم عليه السلام .. والمسيح السيد في وجهتنا هو كلمة الله وروحه .. وكل ذرة في مركبه الرسالي ينبض بالروح والكمال نحو خطي الوصول إلى المبتغى الرباني في حركة الوجود .. لا انتماء له عليه السلام بالحركة الأرضية ومادتها .. والطين الذي هو جوهر مركبها السفلي ...
 فهو عليه السلام يعتلي في خطابه بأنصاره  
 ومحبيه وحوارييه إلى المستوى الأرفع في الكمال ...
 ومتجها بها نحو بناء طليعة روحية ثورية وإنسانية ...
 تكون بكل مكوناتها قادرة على تجاوز خيار المواجهة والابتلاء القادم .. فقد احتوت قراءتنا لخطابه عليه السلام في الأناجيل المسجلة عن حركة وجوده ورسالته أيضا .. 
 وهي مقاطع روحية هامة ..  
 لهذا التوجه العظيم ...
 والمتجه بكليته إلى رب الكون عظيم ... 
 صاعدا بهم  إلى حقيقة واضحة المعالم ...
لا ضبابية في اكتشافها ...
 حقا لقد كانت كلمات السيد المسيح إلى محبيه ...
وأنصاره عبر الأجيال سحرا نورانيا جذابا يدخل عميقا إلى القلوب المجروحة بالظلم .. والمنكسرة بظلم الطغاة والجبارين والمستكبرين  ...
 وحضورا متواصلا يعطي لثورتنا الروحية المجيدة 
التي بشر بها في إنجيله عندما تحدث ...
عليه السلام عن زمن التجديد القادم في آخر الزمان ...
 حينما تسقط مرحلة رجسة الخراب وتقوم حقبة " ابن الإنسان العالمية . نورا  لنور آخر لآخر نكتشف نحن القادمون في زمن وعد الآخرة ذاتنا .. وتوجهاتنا المقدسة .. إننا نحن أنصار المسيح المدخرين الحقيقيين .. خرجنا من عمق عباءة النبي العربي الأعظم والمسيح بن مريم القادم  لنؤكد عهد جدنا المصطفى لإخوانه الأنبياء والمرسلين .. نقدم أرواحنا لكل الأنصار القادمين والمنظرين لك أيها السيد المسيح السماوي القادم  .. ونحن الذين وحدنا  نفهم من عمق خطابك  المقدس ..نبحث عنه بين سطور التاريخ والموروث ، لنكتشف من خلاله ذاتك إلى ذاتنا .. مرة أخرى .. ندرك أي برامج تعد كنت .. وأي أهداف ترسم كنت.. أيها الناصري الجليلي المقدس ..



[ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا ]
...  [ إنجيل متى : 2: 23 ] ...


من روحك نكتشف خلاصنا القادم ...
 خلاصنا الأبدي في القدس ينتظر ...
أيها المسيح ياروح الله المنتظر ... 

.. روحك الرائعة سيدي تدخل عميقا في قلوبنا ، فتشعلها بالنور والبهاء المتجدد ...
إن أهل البيت النبوي عليهم سلام الله
هم قدرك في زمن النهاية ...
 فأنت أيها المقدسي منهم واليهم  ...
 سنصنع لك عرسك المقدس الموعود ...
 وكما يصنع الرب الأعظم لك ألف عرس في السماء .. 
سنضع وراء الرب لك ألف عرس في أعظم قدس قادمة .. يا ابن مريم البتول المقدسة .. أنت عشقنا الأول كما في زمن النهاية .. يا ابن مريم المصطفاة إلى رب الكون مرتين يدي عيسى .. حبي عيسى هذه كلماتك التي بين سطور قراءتنا اقتطفناها من أوساط بستانك الذي زيف سياجه الطغاة وكل الكهنة الذين حاولوا قتل محاولتك .. 
اقتطفناها لنصنع بها زهور جديدة وثورة روحية قادمة.. 
هكذا العاشقون يفهمون الروح والثورة .. 
كما رسمته للأجيال زهدا وروحا ووردة ـ 
أيها العاشق الأبدي القادم   نحن بانتظارك 
وبانتظار كلماتك الواعدة .. وسيفك المشرع جوار سيوفنا  ..
 حتما إنا سنوقف الدجال وكل الزيف كما وعدت في إنجيلك ...
خطاب السيد المسيح إلى الحواريين في المصادر الإسلامية :
يا معشر الحواريين :
ــ [عن وهيب المكي قال : بلغني إن عيسى قال :
 " يا معشر الحواريين انى كتبت لكم الدنيا فلا تنعشوها فانه لا خير في دار قد عصي الله فيها ولا خير في دار لا تدرك الآخرة إلا بتركها فاعبروها ولا تعمروها واعلموا إن أهل كل خطيئة حب الدنيا ورب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا ] (2) وهو 
عليه السلام يدعوا في هذا السياق الروحاني 
نبذ الدنيا والتعلق بروح الله تعالى في السماء وعدم 
المعصية والتطهير من الذنوب ..
ويستطرد عليه السلام قائلا في حركته التوجيهية الدؤوبة :
: ــ [ يا ابن ادم الضعيف اتق الله حيث ما كنت 
وكن في الدنيا ضيفا واتخذ المساجد بيتا وعلم 
عينك البكاء وجسدك الصبر وقلبك التفكر 
ولا تهتم برزق غد ا ]
[ أخبرنا أبو غالب بن البنا أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي أنبأنا أبو عمر بن حيوية وأبو بكر بن إسماعيل قالا أنبأنا أبو محمد بن صاعد حدثنا الحسين بن الحسن أنبأنا ابن المبارك أنبأنا وهيب قال قال عيسى بن مريم عليه السلام :
[  أربع لا تجتمع في احد من الناس ألا يعجب أو قال تعجب الصمت وهو أول العبادة والتواضع لله والزهادة في الدنيا وقلة الشئ     ]   (3) [ فطوبى لمن خزن لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته ] (4)
_____________________________________
 (1) أنظر بحثنا : ابن الإنسان المنتظر في آخر الزمان " تحت الطبع "
: ملاحظة  :  المبحث ينقل المنظور الإسلامي الذي يعتقد به في السيد المسيح الممجد عليه السلام ..
(2) تاريخ دمشق ج 47/ 426 = ابن كثير : قصص الأنبياء
(3) ابن عساكر : تاريخ مدينة دمشق ج 47/ 427
(4)  ابن عساكر : تاريخ مدينة دمشق   ج 47/ 433
ـــ [لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم فان القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا تعلمون ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنكم أرباب وانظروا فيها كأنكم عبيد فإنما الناس مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية ] (5)
فهو عليه السلام يعلمهم التواضع والطهر والعفة المقدسة ويعطيهم نفحة من نفحاته الروحية .. ويدعو إلى بناء اجتماعي خالص من الفتن وفيه النقاء ووحدة الحواريين .
ـــ  فالتقوى هي دواء القلوب المجروحة .. ورضا الرب أعظم غاية في سيّر الصالحين  و [  لا يطيق عبد أن يكون له ربان إن أرضى احدهما اسخط الآخر وان اسخط احدهما أرضى الآخر وكذلك يطيق عبد إن يكون خادما للدنيا يعمل عمل الآخرة بحق أقول لكم لا تهتموا بما لا تأكلون ولا ما تشربون فان الله عزوجل لم يخلق نفسا أعظم من رزقها ولا جسدا أعظم من كسوته فاعتبروا ]     فالمتقون في معرفة الله كنزا  معظما لا يدركه إلا الواصلون إليه .. [ لو إن ابن آدم عمل بأعمال البر كلها وحب في الله ليس وبغض في الله ليس ما أغنى ذلك عنه شئ ] [ (6) 


ثانيا : العقيدة في الخلق والروح ..
[ يا معشر الحواريين ...


[ إن ابن آدم خلق في الدنيا في أربع منازل هو في ثلاث منهم بالله واثر حسن ظنه فيهن وهو في الرابع سيئ ظنه بربه يخاف خذلان الله إياه ، أما المنزلة الأولى فإنه خلق في بطن أمه خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة ينزل الله عليه رزقه في جوف ظلمة البطن فإذا خرج من البطن وقع في اللبن لا يخطو إليه بقدم ولا يتناوله بيد ولا ينهض إليه بقوة ولا يأخذ بحرفة يكره عليه إكراها ويؤجر إيجارا حتى ينبت عليه عظمه ولحمه ودمه فإذا ارتفع عن اللبن وقع في المنزلة الثالثة في الطعام من أبويه يكسبان عليه من حلال أو حرام فإن مات أبواه من غير شئ تركاه عطف الناس عليه هذا يطعمه وهذا يسقيه وهذا يؤويه فإذا وقع في المنزلة الرابعة فاشتد واستوى واجتمع وكان رجلا خشي أن لا يرزقه الله فوثب على الناس يخون أماناتهم ويسرق أمتعاتهم ويذبحهم على أموالهم مخافة خذلان الله إياه ]
فليس أروع من التقوى والتوكل في العبادة والعباد من غاية ..  ولا من خشية الله راية .. فهذا المسيح يرسم طريق الخشية والورع أساسا للخلاص والشكر قاعدة للتقوى ... 
[  قال قال الحواريون لعيسى بن مريم : 
 " ما المخلص لله "  قال الذي يعمل العمل لله عز وجل لا يحب أن يحمده الناس عليه ] (7)  ..
_____________________________________

(5)  نفس المصدر: تاريخ دمشق ج 47/ 433 = ابن كثير : قصص الأنبياء ص 468
(6) تاريخ دمشق ج 47/ 455
(7)  تاريخ دمشق ج 47/ 477

..... قاصدا الورع والتقوى والسر في صنع المقصد [قال الحواريون لعيسى بن مريم يا نبي الله من المخلص قال :
[ الذي يعمل العمل ولا يحب أن يحمده الناس عليه  ]
 قال فمن الناصح لله عز وجل قال : 
[  الذي يبدأ بحق الله تعالى قبل حق الناس ويؤثر حق الله على حق الناس فإن عرض لك أمران أمر دنيا وأمر آخرة فابدأ بأمر الآخرة ثم تفرغ لأمر الدنيا  ] [ قال الحواريون لعيسى بن مريم ما الخالص من العمل قال :
 [ مالا تحب أن يحمدك الناس عليه قال:  فما النصوح لله قال  : 
[ أن تبدأ بحق الله قبل حق وقال ابن البغدادي حقوق الناس زاد ] (8)
كن ملتمسا حب الله ..

[ وعن ابن المبارك أنبأنا مالك بن مغول قال  :
"  بلغنا أن عيسى بن مريم قال : يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله يبغضكم أهل المعاصي وتقربوا إليه بما يباعدكم منهم والتمسوا رضاه بسخطهم قال لاأدري بأيتهن بدأ قالوا :  يا روح الله فمن نجالس قال جالسوا من يذكركم بالله رؤيته ومن يزد في عملكم منطقه ومن يرغبكم في الآخرة عمله ] (9)
وفي الحديث القدسي عن رب العزة مخاطبا :
[ يا دنيا من خدمني فأخدميه ومن خدمك فأستخدميه ]
[ قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
[ من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا من الله شيئا ] ..
[عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : من أسخط الله في رضى الناس ، سخط الله عليه وأسخط عليه من أرضاه في سخطه ، ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه من أسخط في رضاه حتى يزينه ويزين قوله وعمله في عينه ] (10)

 (8) تاريخ دمشق ج 47/ 848 ، 849
(9) تاريخ دمشق ج 47/452 ـ 453
(10) المعجم الكبير المؤلف : سليمان بن أحمد بن أيوب أبو القاسم الطبراني ج 11/ 268 رقم 11696 الناشر : مكتبة العلوم والحكم – الموصل  الطبعة الثانية ، 1404 – 1983 تحقيق : حمدي بن عبد المجيد السلفي ..


ثالثا : قالوا : من أولياء الله الذين لا خوف 
 عليهم ولا هم يحزنون ؟



قال عيسى عليه السلام :
" يا معشر الحواريين : [ إن أولياء الله نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها والذين نظروا إلى أجل الآخرة حين نظر الناس إلى ظاهرها والذين نظروا إلى أجل الآخرة حين نظر الناس إلى عاجلها فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم وتركوا ما علموا أن سيتركهم فصار استكثارهم منها استقلالا وذكرهم إياها فواتا وفرحهم بما أصابوا منها حزنا فما عارضهم من نائلها رفضوه وما 
عارضهم من رفعتها لغير الحق وضعوه ، خلقت الدنيا عندهم فليسوا يجددونها وخربت بينم فليسوا يعمرونها وماتت في صدورهم فليسوا يحيونها يهدمونها فيبنون بها آخرتهم   ويبيعونها فيشرون بها ما بقي لهم رفضوها فكانوا برفضها فرحين وباعوها فكانوا ببيعها رابحين ، ونظروا إلى أهلها صرعى قد خلت فيهم المثلات فأحبوا ذكر الموت وأماتوا ذكر الحياة يحبون الله ويحبون ذكره ويستضيئون بنوره لهم خبر عجيب وعندهم الخبر العجيب بهم قام الكتاب وبه يعني قاموا وبهم نطق الكتاب وبه نطقوا وبهم علم الكتاب وبه علموا ليس يرون نائلا مع ما نالوا ولا أمانا دون ما يرجون ولا خوفا دون ما يجدون ]  (11)
يا معشر الحواريين :
[ يطيق عبد أن يكون له ربان إن أرضى أحدهما أسخط الآخر وان أسخط أحدهما أرضى الآخر،  وكذلك يطيق عبد أن يكون خادما للدنيا يعمل عمل الآخرة بحق أقول لكم لا تهتموا بما لا تأكلون ولا ما تشربون فان الله عز وجل لم يخلق نفسا أعظم من رزقها ولا جسدا أعظم من كسوته فاعتبروا ] (12)
_____________________________________

(11) الكتاب : تاريخ مدينة دمشق   المؤلف : ابن عساكر  الجزء : 47 ص 466  الوفاة : 571   المجموعة : أهم مصادر رجال الحديث عند السنة  تحقيق : علي شيري   : سنة الطبع : 1415  المطبعة : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت - لبنان
الناشر : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان = لكتاب : شرح نهج البلاغة   : المؤلف : ابن أبي الحديد  الجزء : 20  ص 77  الوفاة : 656  المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ القسم العام   تحقيق : محمد أبو الفضل إبراهيم   الناشر : مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع = الكتاب : تفسير ابن أبي حاتم  المؤلف : ابن أبي حاتم الرازي  الجزء : 6   ص 1964  الوفاة : 327  المجموعة : مصادر التفسير عند السنة   تحقيق : أسعد محمد الطيب  : المطبعة : صيدا - المكتبة العصرية  الناشر : المكتبة العصرية = الكتاب : الدر المنثور  المؤلف : جلال الدين السيوطي  الجزء : 3 ص 309 الوفاة : 911 المجموعة : مصادر التفسير عند السنة    الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت – لبنان = الكتاب : بحار الأنوار  :  المؤلف : العلامة المجلسي  الجزء : 66  ص 319  الوفاة : 1111 المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام  تحقيق : السيد إبراهيم الميانجي ، محمد الباقر البهبودي  الطبعة : الثالثة المصححة  سنة الطبع : 1403 - 1983 م  الناشر : دار إحياء التراث العربي - بيروت – لبنان
(12) نفس المصدر السابق : الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر الجزء : 47ص 445 = الكتاب : الدر المنثور المؤلف : جلال الدين السيوطي الجزء : 2 ص 31  الوفاة : 911 = المجموعة : مصادر التفسير عند السنة   الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت - لبنان 


رابعا :  المسيح : علمكم وحكمتكم زاد ثورتكم ...


يا معشر الحواريين :
[ إن كنتم إخواني وأصحابي فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس فإنكم لا تدركون ما تطلبون إلا بترك ما تشتهون ولا تنالون ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ، طوبى لمن كان بصره في قلبه ولم يكن قلبه في بصره ..
ـ وبسنده ...عن ابن المبارك أنبأنا مالك بن مغول قال بلغنا أن عيسى بن مريم قال  : [ يا معشر الحواريين تحببوا إلى الله يبغضكم أهل المعاصي وتقربوا إليه بما يباعدكم منهم والتمسوا رضاه بسخطهم قال لا أدري بأيتهن بدأ قالوا يا روح الله فمن نجالس قال جالسوا من يذكركم بالله رؤيته ومن يزد في عملكم منطقه ومن يرغبكم في الآخرة عمله ] (13)
[ إن كنتم أحبائي وإخواني فوطنوا أنفسكم على العداوة و البغضاء من الناس ، فإن لم تفعلوا فلستم بإخواني ، إنما أعلمكم لتعملوا ، ولا أعلمكم لتعجبوا ، إنكم لن تنالوا ما تريدون إلا بترك ما تشتهون ، وبصبركم على ما تكرهون ، وإياكم والنظرة فإنها تزرع في قلب صاحبها الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة . يا طوبى لمن يرى بعينه     الشهوات ولم يعمل بقلبه المعاصي ، ما أبعد ما قد فات وأدنى ما هو آت ! ويل للمغترين لو قد آزفهم ما يكرهون ، وفارقهم ما يحبون ، و جاءهم ما يوعدون ، في خلق هذا الليل والنهار معتبر ، ويل لمن كانت الدنيا همه ، والخطايا عمله ، كيف يفتضح غدا عند ربه ؟ ولا تكثروا الكلام في غير ذكر الله ، فإن الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ولكن لا يعلمون ، لا تنظروا إلى عيوب الناس كأنكم رئايا عليهم ، ولكن انظروا في خلاص أنفسكم فإنما أنتم عبيد مملوكون ، إلى كم يسيل الماء على الجبل لا يلين ؟ ! إلى كم تدرسون الحكمة لا يلين عليها قلوبكم ؟ ! عبيد السوء فلا عبيد أتقياء ، ولا أحرار كرام ، إنما مثلكم كمثل الدفلى يعجب بزهرها من يراها ، ويقتل من طعمها . والسلام .      ] (14)  فهو عليه السلام في خطابه التربوي يرسخ فيهم منهج الولاية التامة للعلي في سمائه ، ويعلق بحبل النجاة في عليائه .. ويبعدهم عن الدنيا التي فيها المعصية وبوابة الإثم .. ويخاطب العصاة ويدعوهم إلى الحكمة  المستخلصة من نعمة الطاعة  ، فيقول لهم : [ كلامكم شفاء يبرئ الداء وأعمالكم داء لا يبرئه شفاء جعلتم العلم تحت أقدامكم مثل عبيد السوء بحق أقول لكم وكيف أرجو أن تنتفعوا بما أقول وأنتم الحكمة تخرج من أفواهكم ولا تدخل آذانكم وإنما بينهما أربع أصابع ولا تعيها قلوبكم فلا أحرار كرام ولا عبيد أتقياء ] (15)
_____________________________________

(13) الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر  الجزء : 47ص 452
(14) الكتاب : بحار الأنوار  المؤلف : العلامة المجلسي  الجزء : 14  ص 325 الوفاة : 1111 = المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام تحقيق : عبد الرحيم الرباني الشيرازي = الطبعة : الثانية المصححة  سنة الطبع : 1403 - 1983 مالناشر : مؤسسة الوفاء - بيروت – لبنان
(15) الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر  الجزء : 47ص 462= الكتاب : الزهد وصفة الزاهدين  المؤلف : أحمد بن محمد بن زياد   ص 73   الوفاة : 340 المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ القسم العام  تحقيق : مجدي فتحي السيد  الطبعة : الأولى  سنة الطبع : 1408  :  الناشر : دار الصحابة للتراث - طنطا
فطوبى وألف طوبى لمن يسخر الحكمة لأنوار القلوب وذوبان الآثام .. والويل لمن تاجر بالعلم والدين من أجللا نوال المقام
.. يا معشر الحواريين يا أنصار الله  القادمون ..
[ إن عيسى بن مريم قام في بني إسرائيل قال يا مشعر الحواريين لا تحدثوا بالحكمة غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموها والأمور ثلاثة بين رشد فاتبعوه وأمر تبين لكم غيه فاجتنبوه وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه إلى الله تعالى]  (16)
[ ...  حدثنا أبو شهاب عبد ربه بن نافع عن عمرو بن قيس الملائي قال قال عيسى بن مريم  : " إن منعت الحكمة أهلها جهلت وإن أبحتها غير أهلها جهلت كن كالطبيب المداوي إن رأى موضعا للدواء وإلا أمسك ] (17)

[وأخرج أحمد عن سفيان قال قال عيسى عليه السلام : 
" إن للحكمة أهلا فان وضعتها في غير أهلها أضعتها وان منعتها من أهلها ضيعتها كن كالطبيب يضع الدواء حيث ينبغي ]  
* وأخرج أحمد عن محمد بن واسع أن عيسى بن مريم قال :
[ يا بني إسرائيل انى أعيذكم بالله أن تكونوا عارا على أهل الكتاب يا بني إسرائيل قولكم شفاء يذهب الداء وأعمالكم داء لا تقبل الدواء ]  * وأخرج أحمد عن وهب قال قال عيسى لأحبار بني إسرائيل: 
[ لا تكونوا للناس كالذئب السارق وكالثعلب الخدوع وكالحدأ الخاطف  ]
 * وأخرج أحمد عن مكحول قال :  
قال عيسى بن مريم :
[ يا معشر الحواريين أيكم يستطيع أن يبنى على موج البحر دار قالوا يا روح الله ومن يقدر على ذلك قال إياكم والدنيا فلا تتخذوها قرارا  ] * وأخرج أحمد عن زياد أبى عمرو قال بلغني أن عيسى عليه السلام قال : [ إنه ليس بنافعك أن تعلم ما لم تعلم ولما تعمل بما قد علمت أن كثرة العلم لا تزيد إلا كبرا إذا لم تعمل به]  (18) ...

 (16)  الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر الجزء : 47ص 458  = الكتاب : كشف الخفاء المؤلف : العجلوني  الجزء : 2  ص 373  الوفاة : 1162 المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ القسم العام  الطبعة : الثالثة  سنة الطبع : 1408 - 1988 م  الناشر : دار الكتب العلمية - بيروت
(17) الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  مؤلف : ابن عساكر لجزء : 47ص 4589
(18) الكتاب : الدر المنثور المؤلف : جلال الدين السيوطي لجزء : 2  27 الوفاة : 911 المجموعة : مصادر التفسير عند السنة  الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر - بيروت - لبنان
ويقول عليه السلام :
[عبيد الدنيا ماذا ينقص من نور الشمس من هو قائم فيها بل ينتفع من مشى فيها وكذلك الله لا ينقص ما أعطى بل يزيد من شكر " ... " يا عبيد الدنيا إن العسل ليس في الزق كل ساعة كذلك الحكمة ليس قلوبكم كل ساعة إن الزق ما لم ينخرق سوف يساد فيه العسل كذلك أنتم ما لم تخرق شهوات الدنيا قلوبكم فسوف يعاد فيها الحكمة فلا تفسدوها بالخطايا ولا يطولن بكم الأمد إن ابتليتم بشئ من ذلك ولكن اصبروا على ترك الخطايا فإن ترك الخطايا أهون من طلب التوبة " .. " يا عبيد الدنيا ما أكثر الشجر وليس كله يثمر وما أكثر العلماء وليس كلكم يعمل ،  إن الدابة ما لم ترض تستصعب وإن قلوبكم ما لم تلق تتركوا العلم .. يا عبيد الدنيا إنكم لا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون ولا تبلغون ما تريدون إلا بترك ما تشتهون ولا ينتظر امرؤ بتوبته لغد فإن من دون غد يوما وليلة وأمر الله غاد ورائح إذا كنت في عشرين أعمى كلهم يقولون لم تطلع الشمس وأنت تنظر إليها فلا تصدقهم وإن جاءك أعمى وأنت على الطريق فقال إن هذا ليس بطريق فعلي كيف تدعوني إلى الطريق وأنت أعمى لا تبصر... يا عبيد الدنيا كيف يكون من أهل الآخرة من لا تنقضي شهوته من الدنيا ومن لا تنقطع فيها رغبته يا عبيد الدنيا لو أن لله لم يعذب على الخطايا لكنتم متحققين أن تدعوها شكرا لما أنعم عليه بحق أقول لكم يا عبيد الدنيا إذا أفسدتم آخرتكم وجعلتم العلم تحت ألسنتكم والعمل تحت أقدامكم فلا أنتم تستعتبون لكن على الناس تطعنون فأي الناس أخسر منكم لو تعلمون ..  يا عبيد الدنيا خفتم ربكم على الناس وأمنتموه على أنفسكم فكيف يبغض أحدكم صاحبه على الظن ويدع نفسه على اليقين ،  أم كيف يغضب أحدكم إذا ذكر بعض ذنوبه وهي حق ويفرح إذا مدح بما ليس فيه بحق . أقول لكم ما عمرت أرواح إبليس في شئ ما عمرت فيكم إنما أعطاكم الله الدنيا لتعملوا فيها ولم تعطوها لتشتغلوا عن الآخرة إنما بسطها لكم لتعلموا ولم يبسطها لكم لتضلوا ،  إنما أعانكم بها على العبادة ولم يعنكم بها على الخطايا وإنما أمركم فيها بطاعته ولم يأمركم فيها بمعصية وإنما أعانكم فيها على الحلال ولم يبخل   لكم بها الحرام وإنما وسعها لتواصلوا بها ولم يوسعها لكم لتعاطوا فيها إذ كنتم مساكين جياعا عراة تركتم الإثم والحرام حين كنتم أغنياء شباعا بخير وقعتم في الحرام بئس ما   صنعتم بأنفسكم ونعم ما صنع بكم ربكم حين كنتم هزالى ضعفي ، حملتم الأوساق  الثقيلة ، وحين سمنتم عجزتم عنها وحين كنتم عميان بصركم وحين بصرتم عميتم وحين كنتم صما أسمعكم وحين سمعتم صممتم وحين كنتم جهالا علمكم ، وحين صرتم معلمين كلكم جهلتم ،  وحين كنتم أمواتا أحياكم ، وحين أحياكم متم وحين كنتم ضلالا هداكم وحين اهتديتم ضللتم وحين كنتم أذلة مستضعفين سألتم العز والسلطان ، وحين أعطيتم كفرتم وحين كفر الناس استقبحتم وحين فتح لكم ضيعتم وحين صرفت عنكم الدنيا أخلصتم أعمالكم وحين فتحها عليكم . . . .   يا صاحب العلم إن الأجر محروص عليه ولا يدركه إلا من عمل ولا يفتح إلا لمن يسأله ولا يجده إلا من طلبه يا صاحب العلم إن الشجر يتفاضل في الثمار وكذلك تتفاضل الرجال بالقول والأعمال يا صاحب العلم إن الشجر لا يكمل إلا بالثمر وطيبه فكذلك لا يكمل الدين إلا بتحرج عن المحارم يا صاحب العلم إن الماء يطفئ النار وكذلك ينبغي للعلم أن يطفئ الغضب يا صاحب العلم إن الزرع لا يصلح إلا بالماء والتراب وكذلك الإيمان والعمل ، يا صاحب العلم كل شئ إنما ينبت بالزرع وكذلك الله يجزى كل عامل بما عمل ، يا صاحب العلم إنه لا يجتنى الماء والنار في إناء واحد كذلك لا يجتمع الفقه والغناء في قلب واحد يا صاحب العلم إذا زال القلب عن حب النصر لله فإنه كالحجر الثقيل يجر من الهبوط إلى الصعود يا صاحب العلم إنه لا يكون مطر بغير سحاب كذلك لا يكون   مرضاة الله إلا بقلب نقي يا صاحب العلم إن السارق إذا اطلع على شئ من عمله ووجدت عنده السرقة يكذب ذلك معذرته وتستبين للناس معرفته ، كذلك القارئ إذا عمل معصية الله استبان للناس أنه لا يريد بقراءته وجه الله (19)

(19) نفس المصدر السابق : الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر ، الجزء : 68 وص 69

.. يا صاحب العلم إن الزانية إذا حملت يفضحها حملها وكذلك يفتضح بالعمل من كان يغر الناس بالقول الحسن ويقول ما لا يفعل ، يا صاحب العلم إن النفس نور كل حي وإن الحكمة نور كل قلب وإن النفوس رأس كل حكمة والحق بابه كل خير، ورحمة الله باب كل حق ومفتاح ذلك الدعاء والتضرع إلى الله ، وكيف يفتح باب بغير مفتاح يا صاحب العلم إن الرجل الحكيم لا يغرس في شجرة إلا شجرة يرضاها ولا يحمل على خيله إلا فرسا يرضاه ولا يحرث إلا ببذر يرضاه فكذلك المؤمن العالم لا يعمل الأعمال إلا برضا ربه يا صاحب العلم إن الصقالة تصلح السيف وتجلوه وكذلك الحكمة في قلب الحكيم مثل الماء في الأرض الميتة وهي في قلب الحكيم مثل النور في الظلمة يضئ به الناس، يا صاحب العلم إذا عرض لك الشيطان فقال كيف رفع الله السماوات بغير عمد فقل إن لم تكن شهدت السماوات كيف رفعت وبنيت فقد رأيت سماء مثلها سحابا ينشطها الله ثم يؤلف بينه في ساعة فيكون سماء دون هذه فبعث الله عليه شمسها وقمرها ثم يكشطها عن وجه السماء وكذلك يكشط الله عن وجه الأرض يوم القيامة .. يا صاحب العلم إن نقل الحجارة عن رؤوس الجبال أهون من أن تحدث من لا يقبل حديثك فيكون مثلك في ذلك كمثل الذي ينقع الحجارة في الماء لتلين وكمثل الذي يضع المائدة لأهل القبور وكمثل المغني عند الميت وكمثل الذي يريد أن يجتني العنب من الشوك .. يا صاحب العلم احبس الفضل من قولك الذي يخاف عليك المقت من ربك يا صاحب العلم لا تحدث حديثا إلا بحكمة تفهمه ولا تغبط أمرا في قوله حتى يستبين لك عمله يا صاحب العلم تعلم من العلماء ما جهلت وعلم الجاهل ما علمت يا صاحب العلم عظم العلماء بعلمهم ودع منازعتهم ولا تصغر الجهال بجهلهم ولا تطروهم ولكن علمهم وقربهم .. يا صاحب العلم اعلم أن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها يا صاحب العلم إن كل معصية عجزت عن نوبتها بمنزلة عقوبة تعاقبها.. يا صاحب العلم كرب الموت لا تدرى شئ يغشاك فاستعد له قبل أن يغشاك .
وفي الرواية عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة الواقدي قال قال الحواريون لعيسى ابن مريم : " من المخلص لله قال الذي يعمل العمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه ]
[عن :  مكحول والقاسم أنهما سمعا أبا أمامة يقول إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال إن أخي عيسى ابن مريم قال للحواريين يوما : يا معشر الحواريين كونوا في الشر بلها كالحمام وكونوا في الحذر والاجتهاد كالوحش إذا طلبها   (20)

يا معشر الحواريين القادمين كونوا لمسيحكم في العلى ..
كونوا بعلمكم وحكمتكم أنوارا متوهجة تسطع في الآفاق .. ويا أيها العلماء النورانيون .. يقول السيد المسيح في خطاب الإنجيل :
[ أنتم ملح الأرض .. فإذا فسد الملح ، فماذا يعيده الى ملوحته ، انه لا يعود يصلح لشئ إلا أن يطرح خارجا لتدوسه الناس ! أنتم نور العالم .. لا يمكن أن تخفى مدينة على جبل ولا يضيئ الناس مصباحا ثم يضعونه تحت مكيال ، بل يضعونه في مكان مرتفع ليضئ لجميع من في البيت . هكذا ،  فليضيء نوركم أمام الناس ، ليروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا إلهكم الذي في السموات  " (21)
_____________________________________

(20) نفس المصدر السابق : الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر
الجزء : 68 وص 69
(21) إنجيل متى 5: 13 ــ 16 التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص  
1882

يا معشر الحواريين إحذروا من علماء السوء :


وفي الرواية : [عن وهب بن منبه أن عيسى بن مريم قال :
[ ويلكم يا عبيد الدنيا ماذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها كذلك لا يغني عن العالم كثرة علمه إذا لم يعمل به ما أكثر ثمار الشجر، وليس كلها ينفع ولا يؤكل وما أكثر العلماء وليس كلهم ينتفع بما علم فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم لباس الصوف منكسين رؤوسهم للأرض يطرفون من تحت حواجبهم كما يرمق الذباب قولهم مخالف فعلهم من يجتني من الشوك العنب ومن الحنظل التين كذلك لا يثمر قول العالم الكذاب إلا زورا ، إن البعير إذا لم يوثقه صاحبه في البرية نزع إلى وطنه وأصله ، وإن العلم إذا لم يعمل به صاحبه خرج من صدره وخلا منه وعطله وإن الزرع لا يصلح إلا بالماء والتراب كذلك لا يصلح الإيمان إلا بالعلم والعمل ، ويلكم يا عبيد الدنيا إن لكل شئ علام يعرف بها وتشهد له أو عليه وإن للذين ثلاث علامات يعرف بهن الإيمان والعلم والعمل ] (22)
وعلماء السوء و بطانة الحكام الظالمين هم الذين قلبوا الدين بقلة اليقين .. وزرعوا الشوك في الورد !!  وكانوا وعاظا ومفتين  لكل طواغيت الأرض وقاتلي الشعوب .. في كل الأزمان .. وهكذا وصفهم السيد المسيح عليه السلام :
[  يا علماء السوء جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم قولكم شفاء وعملكم داء مثلكم مثل شجرة الدفلى تعجب من رآها وتقتل من أكلها ] (23)
[أنتم ملح الأرض فإذا فسدتم فلا دواء لكم ، وإن فيكم خصلتين من الجهل : الضحك من غير عجب والصبحة من غير سهر ]
[وقال وهب قال عيسى : يا علماء السوء جلستم على أبواب الجنة فلا تدخلوها ولا تدعون المساكين يدخلونها ، إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه .
ــ وقال مكحول :  التقى يحيى وعيسى ، فصافحه عيسى وهو يضحك فقال له يحيى : يا بن خالة مالي أراك ضاحكا كأنك قد أمنت ؟ فقال له عيسى : مالي أراك عابسا كأنك قد يئست ؟ فأوحى الله إليهما : إن أحبكما إلي أبشكما بصاحبه .
ـ وقال وهب بن منبه : وقف عيسى هو وأصحابه على قبر وصاحبه يدلى فيه ، فجعلوا يذكرون القبر وضيقه فقال : قد كنتم فيما هو أضيق منه في   أرحام أمهاتكم فإذا أحب   الله أن يوسع وسع .
_____________________________________

(22)  الكتاب : تاريخ مدينة دمشق المؤلف : ابن عساكر الجزء : 47ص 461
(23)  الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر الجزء : 47ص 461= الكتاب : البداية والنهاية  المؤلف : ابن كثير الجزء : 2 ص 108  الوفاة : 774  المجموعة : مصادر التاريخ ، تحقيق : تحقيق وتدقيق وتعليق : علي شيري   الطبعة : الأولى   سنة الطبع : 1408 - 1988 م ، الناشر : دار إحياء التراث العربي - بيروت – لبنان = الكتاب : قصص الأنبياء   المؤلف : ابن كثير   الجزء : 2 ص 447   الوفاة : 774  المجموعة : مصادر سيرة النبي والأئمة   تحقيق : مصطفى عبد الواحد   الطبعة : الأولى   سنة الطبع : 1388 - 1968 م   المطبعة : دار التأليف – مصر الناشر : دار الكتب الحديثة
. وقال أبو عمر الضرير :
[ بلغني أن عيسى كان إذا ذكر الموت يقطر جلده دما .] (24)
[ قال المسيح  : [ ويلكم يا علماء السوء لا تكونوا كالمنخل يخرج من الدقيق الطيب فيمر ويمسك النخالة وكذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواههم ويبقى الغل في صدوركم ويحكم إن الذي يخوض النهر لا بد أن يصيب ثوبه الماء وإن جهد أن لا يصيبه كذلك من يحب الدنيا لا ينجو من الخطايا ]       (25)
[ .  بحق أقول لكم : لا يغني عن الجسد أن يكون   ظاهره  صحيحا  وباطنه فاسدا . كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم . وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة . لا تكونوا كالمنخل   يخرج منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة . كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم . يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه . يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوا على الركب   ، فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر   ]  (26)


(24) الكتاب : البداية والنهاية  المؤلف : ابن كثير  الجزء : 2 ص 108  الوفاة : 774  المجموعة : مصادر التاريخ    تحقيق : تحقيق وتدقيق وتعليق : علي شيري  الطبعة : الأولى   سنة الطبع : 1408 - 1988 م     :      الناشر : دار إحياء التراث العربي - بيروت - لبنان
(25) الكتاب : تاريخ مدينة دمشق  المؤلف : ابن عساكر الجزء : 47 ص 460 /461= الكتاب : العلم والحكمة في الكتاب والسنة   المؤلف : محمد الريشهري  ص451  الوفاة : معاصرالمجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام   تحقيق : مؤسسة دار الحديث الثقافية     الطبعة : الأولى ، المطبعة : دار الحديث    الناشر : مؤسسة دار الحديث الثقافية - قم – ايران=الكتاب : تحف العقول   المؤلف : ابن شعبة الحراني  ص 507  الوفاة : ق 4  المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه   تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري   الطبعة : الثانية   سنة الطبع : 1404 - 1363 ش   : الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
(26) الكتاب : تحف العقول  المؤلف  : ابن شعبة الحراني     ص 393    الوفاة : ق 4
المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ قسم الفقه  تحقيق : تصحيح وتعليق : علي أكبر الغفاري  الطبعة : الثانية  سنة الطبع : 1404 - 1363 ش  الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة = الكتاب : بحار الأنوار  المؤلف : العلامة المجلسي  الجزء : 1 ، ص 146= : تاريخ مدينة دمشق   المؤلف : ابن عساكر     الجزء : 68ص 64

وقال السيد المسيح عليه السلام  لمعشر الحواريين :

[ تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل ، وإنكم علماء السوء الأجر تأخذون والعمل تضيعون ، يوشك رب العمل أن يطلب عمله ، وتوشكون أن تخرجوا من الدنية العريضة إلى ظلمة القبر وضيقه ، الله ينهاكم عن الخطايا كما أمركم بالصلاة والصيام ، كيف يكون من أهل العلم من سخط رزقه واحتقر منزلته وقد علم أن ذلك من علم الله وقدرته ، كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله فيما قضى له فليس يرضى شيئا أصابه ، كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته وهو في الدنيا أفضل رغبة ، كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أشهى إليه أو قال أحب إليه مما ينفعه كيف يكون من أهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به ولا يطلبه ليعمل به ] (27)
أيها الكهنة والفريسيين :
أيها الفريسيون والكتبة  الضالين ....

[ حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا هشام الدستوائي قال:  بلغني أن في حكمة عيسى بن مريم تعملون في الدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير العمل ولا تعملون للآخرة وأنتم ترزقون فيها إلا بالعمل ويلكم علماء السوء الأجر تأخذون والعمل تضيعون يوشك رب العمل أن يطلب عمله ، ويوشك أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه الله ينهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلاة كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من أخرته ، وهو في الدنيا أفضل رغبة كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أشهى إليه مما ينفعه كيف يكون من سخط رزقه واحتقر منزلته وهو يعلم أن ذلك من علم الله وقدرته كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله في قضائه فليس يرضى بشئ أصابه كيفي يكون من أهل العلم من طلب الكلام ليحدث به ولم يطلب العلم ليعمل به ] (28)
[  قال للحواريين : يا عبيد السوء يهولكم طول النخلة وتذكرون شوكها   ومؤونة مراقيها ، وتنسون طيب ثمرها ومرافقتها كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده ، وتنسون ما تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها ، يا عبيد السوء نقوا القمح وطيبوه . وادقوا طحنه تجدوا طعمه ، ويهنئكم أكله ، كذلك فأخلصوا الإيمان وأكملوه تجدوا حلاوته وينفعكم غبه . بحق أقول لكم : لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ، ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها ...
يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم : لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون ، فلا تنظروا بالتوبة غدا ، فان دون غد يوما وليلة ، وقضاء الله فيهما يغدو ويروح بحق أقول لكم : إن من ليس عليه دين من الناس أروح وأقل هما ممن عليه الدين وإن أحسن القضاء ،
_____________________________________

(27) سنن الدارمي   : عبد الله بن بهرام الدارمي  الجزء : 1 ص 103  الوفاة : 255   المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه   سنة الطبع : 1349 المطبعة : مطبعة الاعتدال - دمشق=     الكتاب : بحار الأنوار المؤلف : العلامة المجلسي  الجزء : 2 ص 39
(28)  الكتاب : تاريخ مدينة دمشق المؤلف : ابن عساكر الجزء : 47  ص 464

وكذلك  من لم يعمل الخطيئة أروح وأقل هما ممن عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب ، وإن صغار الذنوب ومحقراتها من مكائد إبليس يحقرها لكم ، ويصغرها في أعينكم ، فتجتمع وتكثر فتحيط بكم . بحق أقول لكم : إن الناس في الحكمة رجلان فرجل أتقنها بقوله ، وصدقها بفعله ، ورجل أتقنها بقوله ، وصدقها بفعله ، ورجل أتقنها بقوله ، وضيعها بسوء فعله ، فشتان بينهما ، فطوبى للعلماء بالفعل ، وويل للعلماء بالقول . يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لأجسادكم وجباهكم ، واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى ، ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات إن أجزعكم عند البلاء لأشدكم حبا للدنيا ، وإن أصبركم على البلاء لأزهدكم في الدنيا . يا عبيد السوء : لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة ولا بالثعالب الخادعة ، ولا بالذئاب الغادرة ، ولا بالأسد العاتية ، كما تفعل بالفراس كذلك تفعلون بالناس : فريقا تخطفون ، وفريقا تخدعون ، وفريقا تقدرون بهم . بحق أقول لكم : لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا ، وباطنه فاسدا كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم ، وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة ، لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب ، ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل في صدوركم . يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه . يا بني إسرائيل :  زاحموا العلماء في مجالسهم ولو حبوا على الركب فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل المطر .
هامش و بيان :

[ عبيد السوء بالفتح وقد يضم السين ، ومنهم من منع الضم وهو من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة كقولهم : حاتم الجود . ومؤونة مراقيها أي شدة الارتقاء عليها . ومرافقتها من الرفق بمعنى اللطف والنفع ، ولعله كان مرافقها على صيغة الجمع والضمير راجع إلى الثمر أو النخلة . قوله : ما تفضون إليه من قولهم : أفضى إليه أي وصل . ونورها بضم النون وفتحها . والقمح بالفتح : لبر . ويهنؤكم مهموزا بفتح النون وكسرها أي لا يعقب أكله مضرة . وغب كل شئ بالكسر عاقبته . والقطران بفتح القاف وكسرها وسكون الطاء ، وبفتح القاف وكسر الطاء دهن منتن يستجلب من شجر إلا بهل فيهناء به الإبل الجربي ، ويسرع فيه إشعال النار . وسوء رغبته فيها أي ترك عمله بتلك الحكمة ، والأنظار : التأخير ولعل تعديته بالباء بتضمين أو بتقدير ، ويحتمل الزيادة . وقوله : يغدو أي ينزل أول النهار . ويروح أي ينزل آخر النهار . وقوله : أروح ، أي أكثر راحة . قوله : ومحقرتها بفتح الميم والقاف والراء وسكون الحاء مصدر بمعنى الحقارة والذلة ، أو على وزن اسم المفعول من باب التفعيل ، كما ورد إياكم ومحقرات الذنوب . ويحقرها من باب التفعيل أو كيضرب . والحداء بكسر الحاء ممدودا جمع الحدأة كعنبة : نوع من الغراب يخطف الأشياء ، والأسد بضم الهمزة وسكون السين جمع أسد . والعاتية أي الظالمة الطاغية المتكبرة . كما تفعل أي الأسد أو جميع ما تقدم ، فالفراس على التغليب وقوله : فريقا تخطفون ، إلى آخر ما ذكر ، على سبيل اللف والنشر ، ولما ذكر الافتراس أولا لم يذكر آخرا . لا يغني عن الجسد ، أي لا ينفعه ولا يدفع عنه سوأ . والمنخل بضم الميم والخاء وقد تفتح خاؤه : ما ينخل به . ويقال : زاحمهم ، أي ضايقهم ودخل في زحامهم . قال الفيروزآبادي : جثى كدعا ورمى جثوا وجثيا بضمهما ، : جلس على ركبتيه ، وجاثيت ركبتي إلى ركبته . وقال : الوابل : المطر الشديد الضخم القطر . ] (29)
 (29) الكتاب : بحار الأنوار  المؤلف : العلامة المجلسي  الجزء : 1  ص 147  الوفاة : 1111 ، المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام    الطبعة : الثانية المصححة   سنة الطبع : 1403 - 1983 م     الناشر : مؤسسة الوفاء - بيروت - لبنان

ثانيا :  خطاب السيد المسيح في الإنجيل : 
أيها الكهنة المزورون والفريسيون الضالون ...


[ لتكن الشجرة جيدة .. فتنتج ثمرا جيدا ، ولتكن الشجرة رديئة فتنتج ثمرا رديئا ، فمن الثمر تعرف الشجرة ــ يا أولاد الأفاعي .. كيف تقدرون وأنتم أشرار ، أن تتكلموا  كلاما صالحا ؟ لأن الفم يتكلم بما يفيض به القلب .. فالإنسان الصالح من الكنز الصالح في قليبه يصدر ما هو صالح ،   والإنسان الشرير يصدر ما هو شرير .  ــ على أني أقول لكم : إن مكل كلمة باطلة يتكلم بها الناس ، سوف يؤدون عنها الحساب في يوم الدينونة ، فإنك بكلامك تبرر وبكلامك تدان .. ] (30)
ــ يا أولاد الأفاعي من أنذركم  لتهربوا من الغضب الآتي ، فأثمروا ثمرا يليق بالتوبة . ولا تعللوا أنفسكم قائلين لنا : إبراهيم أبا ، فأني أقول لكم  أن الله قادر أن يطلع من هذه الحجارة أولادا لإبراهيم ، وها أن الفأس قد ألقيت على أصل الشجرة ، فكل شجرة لا تثمر ثمرا جيدا تقطع وتطرح في النار .. أنا أعمدكم  بماء التوبة ولكن الآتي بعدي ، هو أقدر مني وأنا لا أستحق أن أحمل سيور حذاءه ..] (31)

ولهذا حذر المسيح عليه السلام أنصاره وتلاميذه من الإنصياع خلف دجل الكتبة والمزيفين واعتبرهم رأس العداء لدين الله وعقيدة التوحيد  الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا..
[ وعندئذ اعتلى الكتبة والفريسيون كرسي موسى : فأفعلوا كل ما يقولونه لكم  ولكن لا تعملوا بمثل  ما يعملون لأنهم يقولون ما يفعلون ]  ..
[ بل  يحزمون أحمالا ثقيلة لا تطاق ويضعونها على أكتاف الناس ولكنهم لا يريدون أن يحركوها بطرف الإصبع ، وكل ما يعملونه ، فإنما يعملونه لكي يلفتوا نظر الناس  إليهم  ، فهم يعرضون عصائبهم ويطيلون أطراف أثوابهم ، ويحبون أماكن الصدارة في الولائم وصدور المجالس في المجامع وأن تلقى عليهم التحيات في الساحات ، وأن يدعوهم الناس يا معلم يا معلم .. أما أنتم فلا تقبلوا أن يدعوكم  أحد يا معلم !  لأن معلمكم واحد وأنتم جميعا أخوة . ]  [ ولا تقبلوا أن يدعوكم أحد رؤساء .. لأن رئيسكم واحد وهو المسيح وليكن أكبركم خادما لكم ، فإن كل من يرفع نفسه يوضع ومن يضع نفسه يرفع :"  (32)
.. وقد ذكرنا في كتاب البشارة وثورة المسيح القادمة أن السيد المسيح أراد في أنموذجه وخطابه التربوي تأهيلهم إيمانيا ليكونوا وحدة جامعة تحت قيادته الربانية عليه السلام ، فهو المعلم السماوي والنور الإلهي القادم لهم في هذا العالم .. وهم عليهم رضوان الله الحواريون الأخوة ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(30) إنجيل متى : 12: 33ــ 37 : التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 1912
(31) إنجيل متى : 3 : 7ــ11 التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص1874 = فصلنا الموضوع في كتابنا : " البشارة وثورة المسيح " تحت الطبع "
(32) إنجيل متى : الإصحاح 234 : 1ــ3 التفسير التطبيبقي ص 1945

وقال لهم المسيح ليه السلام موصيا :

[ خذوا حذركم من الكتبة الذين يحبون التجول بالأثوايب الفضفاضة . وتلقى التحيات في الساحات العامة وصدور المقاعد في المجامع  وأماكن الصدارة في الولائم  ، يلتهمون بيوت الأرامل  ويتذرعون بإطالة الصلوات هؤلاء سينزل بهم دينونة أقصى .. ] (33) ومثلهم في زماننا مشايخ وفقهاء السلاطين الذين زيفوا النبوة والتوحيد لمصالح جيوبهم فتنفسوا برئة الأغنياء وأزهقوا روح الفقراء .. 

فهم الفريسيون الجدد ..
وفي شهادة القرآن :
وفي تبيان حقيقتهم قال تعالى :

{أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ }البقرة175
{اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }التوبة9
{أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }البقرة16
{اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }التوبة9
وقال الله تعالى في بني إسرائيل وكتبتهم المفسدين ما قاله المسيح في الإنجيل لهم :
{وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }آل عمران187
وهذا قول القرآن يؤكد  قول السيد المسيح بن مريم عليه السلام :
" .. بأنهم لا يلهثون إلا  للمجالس  والظهور المخادع وأن يدعوهم الناس يا معلم " (34)
وقد فصل القرآن  المعظم حالة  المفسدين من الكتبة  والفريسيين أيما تفصيل دعما لخيار الأنبياء والمرسلين في مواجهة ظلمهم وزيفهم  يقول تعالى في القرآن :

{وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }النساء161
و هم الفريسيين المستبدين في بني إسرائيل ..
و { لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }النساء162
_____________________________________

(33)  إنجيل مرقص : 12ص: 38 ــ 140 التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 2029
(34) إنجيل متى : 23 : 1ـ12 التفسير التطبيقي ص 1946

اضغط على الرابط مرتين وصالا ...
للمجموعة الثانية ...















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق